الحديث، إمام في الحديث عنده خلل في علوم أخرى؛ لأن العلوم متكاملة لا يمكن أن يحاط بها، والتخصص معروف من القدم، ولا شك أن التفنن أفضل والجمع بين العلوم كلها أفضل وأكمل يبقى أنه إذا كان لا يمكن أن يجمع بين أكثر من علم فيتخصص في علم واحد لا مانع من أن يتخصص فيه بحيث يلم به ويعرفه من جميع أطرافه، ويتقنه ويضبطه ويكون مرجعاً في هذا العلم، وبهذا يوصى بعض طلاب العلم الذين يتشتتون إذا دخلوا في أكثر من علم، يقال له: تلزم هذا العلم تنتفع وينفع الله بك، لكن إذا كان لا يتشتت بإمكانه أن يحفظ الحديث وبإمكانه أن يعرف التفسير، وبإمكانه أن يضبط العلوم الأخرى هذا هو الأصل؛ لأن العلوم مترابطة يفيد بعضها بعضاً، وبعضها معتمد على بعض.
القرآن ضبطه وحفظه، حفظ حروفه هذا أمر مستقل عن جميع العلوم، وهذا فضل من الله -جل وعلا- أن يسره للأمة وجعل من الأمة من يضبطه ويتقنه بحيث لا يخل بنقطة، ويكون مرجعاً للناس في هذا الباب وإن كان ضعيفاً في أبواب أخرى، فلا وجه لمن طعن في عاصم لأنه غمز في حفظه بالنسبة للحديث، معروف الحديث كثير من الناس يحفظون القرآن لكن كم يحفظون من الأحاديث؟ قد يحفظ القرآن ولا يستطيع أن يحفظ البلوغ فضلاً عن أن يحفظ البخاري ومسلم وبقية الكتب، حفظ السنة فيه وعورة وفيه صعوبة، وكان الناس على يأس تام من حفظ السنة لكن الله -جل وعلا- يسر لهم وقيض لهم من فتح لهم الأبواب، وبث فيهم الآمال بأن الحفظ لم ينقطع، وأنه ممكن، كان الناس على يأس من الحفظ، غاية ما هنالك أن يحفظ البلوغ ويتوقف الإنسان، لكن ضرب الإخوان أمثلة يعني رائعة، يوجد من يحفظ زوائد البيهقي، يوجد من يحفظ زوائد المستدرك شيء عظيم، يعني ما كان الناس يؤملون أن يوجد مثل هذا، وإذا وجد من يفتح الباب لطالب العلم من أول الأمر لا شك أن هذا من علامة توفيقه، أن يفتح له الباب وأن ييسر له السبيل إلى طلب العلم من وجه ومن أبوابه وعلى الجادة، هذا لا شك أنه دليل على أن الله -جل وعلا- أراد به الخير، فهؤلاء الذين فتحوا هذا الباب لطلاب العلم باب الحفظ لا شك أنهم سنوا سنة حسنة نرجو أن يكتب لهم أجرها وأجر من علم بها إلى يوم القيامة.