للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو عيسى ولد سنة تسع ومائتين، يعني بعد وفاة الإمام الشافعي بخمس سنوات، سنة تسع ومائيتين، ومات سنة تسع وسبعين ومائتين، عن سبعين عاماً، كتابه أحد الأصول الخمسة المتفق عليها بين علماء الإسلام، وقد يسميها بعضهم الصحاح الخمسة، وأطلق على كتابه الجامع الصحيح، لكن هذه التسمية فيها تجوز؛ لأنه إذا صح أن نسمي البخاري الجامع الصحيح ومسلم الجامع الصحيح بدون تردد فهل نسمي كتاب الترمذي الجامع الصحيح نظير البخاري ومسلم؟ من أهل العلم من قال .. ، من وصف جامع الترمذي بأنه صحيح، لكن هذا فيه تساهل، فيه سعة في الخطو، الترمذي خرج لضعفاء، خرج لمتهمين، لكن لا يعني أنه لا يستفاد منه، يستفاد منه، ويحكم على كل حديث بما يليق به، لكن يقال مثل هذا الكلام في مقابل من تجاوز ووصف الكتاب بأنه الجامع الصحيح، كما وصف سنن أبي داود بالصحيح، ووصف سنن النسائي بالصحيح، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

ومن عليها أطلق الصحيحا ... فقد أتى تساهلاً صريحا

لأن فيها أحاديث حسنة كثيرة لا تبلغ درجة الصحة، وفيها الضعيف وهو كثير أيضاً.

ومن عليها أطلق الصحيحا ... فقد أتى تساهلاً صريحا

هذا الكتاب ثبتت نسبته إلى مؤلفه بالأسانيد المتصلة الموجودة إلى الآن، وما زال يروي بالأسانيد إلى مؤلفه إلى عصرنا هذا، وعني به العلماء عناية فائقة، وشرح بشروح لا تكاد تحصى، وحظهم من الشروح أكثر من حظ السنن الأخرى، شرح بشروح عظيمة، ممن شرحه ابن سيد الناس أبو الفتح اليعمري في كتابه: (النفح الشذي) وهذا الكتاب طبع منه مجلدان، توقف عن طبعه، وما زال العمل جارٍ عليه، ولكن ابن سيد الناس لم يكمل الكتاب فأكمله الحافظ العراقي -رحمه الله-، وأكمل التكملة ابن الحافظ العراقي الولي أبو زرعة، فجاء كتاباً حافلاً عظيماً، ممن شرحه أيضاً الحافظ ابن رجب -رحمة الله عليه-، لكن شرحه مفقود، أما شرح ابن سيد الناس تكملة العراقي موجودة، ومحققة وجاهزة للطبع، لكن شرح ابن رجب مفقود، ما وجد منه إلا قطع يسيرة جداً، منها ما طبع في شرح العلل، وأما الباقي ملزمة أو أقل من ذلك.