ويقال: لم يسمع الأعمش من أنس بن مالك ولا من أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد نظر إلى أنس بن مالك قال: رأيته يصلي فذكر عنه حكاية في الصلاة، والأعمش اسمه: سليمان بن مهران أبو محمد الكاهلي، وهو مولى لهم قال الأعمش: كان أبي حميلاً فورثه مسروق.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول الإمام المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الاستتار عند الحاجة" في الاستتار عند الحاجة يعني عند قضاء الحاجة لما يتطلبه ذلك من كشف للعورة فلا بد من الاستتار.
"قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي" أبو بكر الكوفي، ثقة حافظ، توفي سنة سبع وثمانين ومائة "عن الأعمش عن أنس" الأعمش سليمان بن مهران عن أنس بن مالك الصحابي الجليل "قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الحاجة" يعني إذا أراد قضاء الحاجة، فأراد القعود لها "لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض" يعني لا يترك مدة بين كشف العورة وبين قضاء الحاجة، بل يكون قضاء الحاجة مباشر لكشف العورة بعده مباشرة؛ لأن كشف العورة لا يتم قضاء الحاجة إلا به، فيكون كشف العورة للحاجة، والحاجة لا يتعدى بها موضعها، فقد جاء الأمر بالاستتار، ((احفظ عورتك)) وجاء الأمر بستر الفخذ ((غط فخذك)) فكيف بالعورة المغلظة؟ لا يجوز نظر أحد لا تنظر إليه ولا ينظر إليك، اللهم إلا ما كان بين الزوجين مما استثني.
"كان -عليه الصلاة والسلام- إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض" مبالغة في الاستتار "يدنو من الأرض" يعني يقرب منها، محافظة على التستر، واحترازاً عن كشف العورة.
"قال أبو عيسى: هكذا روى محمد بن ربيعة" الكلابي الرؤاسي، ابن عم وكيع الإمام ابن الجراح المعروف، محمد بن ربيعة رواه عن الأعمش، يعني موافقاً لمن؟ لعبد السلام بن حرب المذكور في أصل الحديث، عن الأعمش عن أنس فهذه متابعة لمحمد بن ربيعة يتابع فيها عبد السلام بن حرب.