قلت -الشارح يقول كذا- قلت: في كل من هذه الوجه الثلاثة نظر، فما قال في الوجه الأول: فهو معارض بما قال الآجري: سألت أبا داود عن زهير وإسرائيل في أبي إسحاق فقال: زهير فوق إسرائيل بكثير، وما قال في الوجه الثاني من متابعة قيس بن الربيع لرواية إسرائيل فإن شريكاً القاضي تابع زهيراً، وشريك أوثق من قيس، وأيضاً تابع زهيراً إبراهيم بن يوسف عن أبيه وابن حماد الحنفي وأبو مريم، وزكريا بن أبي زائدة، وما قاله في الوجه الثالث فهو معارض بما قال الذهبي في الميزان.
قال أحمد حنبل: حديث زكريا وإسرائيل عن أبي إسحاق لين، سمعا منه بآخرة أو بأخرة؟ بما في ذلك إسرائيل التي رجحها الترمذي، فظهر الآن أنه ليس لترجيح رواية إسرائيل وجه صحيح، بل الظاهر أن الترجيح لرواية زهير التي رجحها الإمام البخاري ووضعها في صحيحة، يعني إذا اعتبرنا الإمام الترمذي من أئمة هذا الشأن ولا يقدح فيه أحد، إمام يعني لا يتطاول عليه عالم فضلاً عن طالب علم، لكن أين إمامة الترمذي من إمامة البخاري في هذا الشأن؟ معول الإمام الترمذي في العلل على البخاري، سواء كان في جامعه أو في علله، هو يعول كثيراً على الإمام البخاري.
يقول: قال الحافظ ابن حجر في مقدمته -مقدمة فتح الباري-: حكى ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة أنهما رجحا رواية إسرائيل، وكأن الترمذي تبعهما في ذلك، والذي يظهر أن الذي رجحه البخاري هو الأرجح، وبيان ذلك أن مجموع كلام هؤلاء الأئمة مشعر بأن الراجح على الروايات كلها، أم طريق إسرائيل وهي عن عبيدة عن أبيه وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه فيكون الإسناد منقطعاً، أو رواية زهير وهي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود فيكون متصلاً، وهو تصرف صحيح؛ لأن الأسانيد فيه إلى زهير وإلى إسرائيل أثبت من بقية الأسانيد، وإذا تقرر ذلك كان دعوى الاضطراب في الحديث منفية؛ لأن الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطرباً إلا بشرطين.
أحدهما: استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قدم، ولا يعل الصحيح بالمرجوح.