"وقد كره قوم من أهل العلم البول في المغتسل، وقالوا: عامة الوسواس منه" يعني إما استدلالاً بهذا الحديث أو عملاً بما يؤدي إليه هذا العمل من الوسواس "ورخص فيه بعض أهل العلم" رخصوا في البول في المستحم لا سيما إذا أجري عليه الماء، بال في مستحمه ثم أجرى عليه الماء ثم اغتسل فيه انتهى الإشكال، انتهى ما يحذر من الوسواس "ورخص فيه بعض أهل العلم منهم -محمد- بن سيرين" الأنصاري أبو بكر البصري المتوفى سنة عشر ومائة "وقيل له إنه يقال: إن عامة الوسواس منه، فقال: ربنا الله لا شريك له" يعني فهو المتوحد في خلقه، لا دخل للبول في المغتسل في شيء؛ لأننا إذا جعلنا البول في المغتسل يورث هذا الأمر كأننا أشركناه مع الله -جل وعلا- في الابتلاء، والله -جل وعلا- وحده لا شريك له هو المؤثر الحقيقي، لكن هل هذا كلام متجه؟ هذا مؤداه إلى إلغاء تأثير الأسباب، هو سبب، البول في المستحم سبب من أسباب الوسواس، والسبب ينكر الأشعرية أن له أثر في المسبب، يقولون: لا أثر له في المسبب البتة ووجوده مثل عدمه، وأن المسبب يحصل عنده لا به، ويقابلهم المعتزلة الذين يقولون: إن السبب يفعل بنفسه مؤثر بذاته، وأما أهل السنة يرون أن للأسباب تأثراً لكن بجعل الله -جل وعلا- هذا التأثير فيها، لا أنها تستقل بهذا التأثير، الأشعرية طرداً لمذهبهم هذا في إلغائهم تأثير الأسباب قالوا: يجوز لأعمى الصين أن يرى بقة الأندلس، كيف الأعمى في أقصى المشرق يرى أصغر البعوض في أقصى المغرب؟! قالوا: نعم لأن البصر سبب والسبب لا أثر له وجوده مثل عدمه، فيجوز عقلاً في عقولهم الكبار التي وصلت إلى هذا الحد، لما تبعوا ولهثوا وراء علم الكلام وأعرضوا عن النصوص، قد يلزمون في أول الأمر بلوازم تقتضيها مذاهبهم ثم تأخذهم العزة بالإثم فيلتزمون بهذه الوازم، قد لا يقول الأشعري في أول الأمر مثل هذا الكلام، لكنه إذا ألزم بهذا نتيجة لإلغائه تأثير الأسباب التزم، التزم به وقد صرحوا به ما هو مجرد إلزام، يعني الكلام الذي ذكرته بحروفه موجود في كلامهم، يجوز لأعمى الصين أن يرى بقة الأندلس، وكلام محمد بن سيرين الإمام لأنه قد يغفل أحياناً عن هذا السبب أو يكون بين أناس يبالغوا في تأثير