هذا المسألة معروفة عند أهل العلم، وفيها حديث أبي هريرة وحديث وائل بن حجر، حديث أبي هريرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) وحديث وائل: "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" وحديث أبي هريرة مرجح عند أهل العلم على حديث وائل لأن له شاهد من حديث ابن عمر كما يقول الحافظ ابن حجر وغيره، وابن القيم يذهب إلى أن حديث أبي هريرة مقلوب انقلب على الراوي، وأنه بدلاً من أن يقول: وليضع ركبتيه قبل يديه، قال: وليضع يديه قبل ركبتيه، ولا قلب ولا إشكال في الحديث وهو أرجح، والمنهي مشابهة البعير في البروك، والبروك هو النزول على الأرض بقوة، فلا يقال: برك البعير إلا إذا أثار الغبار وفرق الحصى، فإذا نزل على الأرض بقوة أثار الغبار وفرق الحصى يقال: برك، أما إذا وضع يديه مجرد وضع قبل ركبتيه يقال له: بروك.
ونزل عمر -رضي الله تعالى عنه- لما غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- عند الأسئلة المكروهة عنده -عليه الصلاة والسلام-، برك عمر -رضي الله عنه- على ركبتيه بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في البخاري وغيره، فالبروك هو النزول بقوة، فإذا نزل الإنسان بقوة على الأرض وفرق الحصى وأثار الغبار قال: برك، أما مجرد وضع اليدين قبل الركبتين فهذا لا يقال له: بروك بل هو امتثال للأمر النبوي ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) منهم من يرجح حديث وائل في تقديم الركبتين على اليدين؛ لأنه لم أقل أحد فيه ما قيل في حديث أبي هريرة أنه مقلوب، وشيخ الإسلام يرى أن المسألة مسألة وضع، مجرد وضع برفق وهون، فإذا وضع يديه قبل ركبتيه أو ركبتيه قبل يديه فالأمر لا يختلف سيان، فهو مخير بينهما، وكل إنسان يفعل الأرفق به، شريطة أن يكون نزوله على الأرض برفق، سواء قدم اليدين أو قدم الركبتين، أما إذا قدم اليدين ونزل بقوة برك مثلما يبرك البعير، وإذا قدم الركبتين بقوة ونزل على الأرض بقوة وقدم الركبتين أشبه بورك الحمار، وكلاهما منهي عن التشبه به؛ لأن بعض الناس إذا نزل على الأرض وأكثر ما يكون إذا نزل بالركبتين، إذا نزل بقوة تجد البلاط يتخلخل في المسجد.