"قال إسحاق: وأختار أن يسمح مقدمهما مع الوجه، ومؤخرهما مع رأسه، وقال الشافعي: هما سنة على حيالهما يمسحهما بماء جديد" سنة مستقلة بماء جديد، يعني بالنسبة للرأس أو للوجه لا تابعة لا للرأس ولا للوجه، وإنما هي سنة مستقلة تمسح بماء جديد، وهذا هو الذي دعا البيهقي أن يقول ما يقول، ويرجح حديث أبي أمامة على غيره؛ لأن حديث أبي أمامة مختلف في رفعه ووقفه، وإذا اختلف في رفعه ووقفه احتمال أن يرجح الوقف كما رجح ابن حجر وغيره، وأنها مدرجة، فلا يعارض قول إمامهم؛ لأن البيهقي شافعي، وابن حجر شافعي فيضطرون إلى ترجيح مثل هذا، وهذا هو التعصب الذي أشار إليه الزيلعي من البيهقي، وأشار إليه الشيح أحمد شاكر بالنسبة للحافظ ابن حجر.
فكأنهما قال: هما يؤيدان المذهب "وقال الشافعي هما سنة على حيالهما يمسحهما بماء جديد" وقال بعض أهل العلم: هما من الوجه لا من الرأس، يعني وجه الشبه بكونهما من الوجه ما فيه إلا أنهما مكشفتان مثل الوجه بدون شعر، والرأس مغطى بالشعر، فوجه الشبه بينهما يعني لو قلنا: نحتاج إلى قياس الشبه، إذا قررنا أن الأذنين فرع، وليس بأصل مستقل برأسه، ليس من فروض الوضوء المستقلة المعروفة، فهي فرع، وثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يمسحهما، فهما فرع، فرع متردد بين أصلين، إذا تردد الفرع بين أصلين يلحق هذا الفرع بأي شيء بأقربهما شبهاً، وهذا يسمى عند أهل العلم قياس الشبه، أيهما أشبه بالأذنين الوجه أو الرأس؟ الوجه أشبه؛ لأنه مكشوف بدون شعر، لكن فيه شعر بالنسبة للعارضين بالنسبة للحية؛ لأنه من مسمى الوجه، لكن هما الأذنان أقرب إلى الوجه شبهاً من الرأس، فإذا استعملنا قياس الشبه قلنا: هما من الوجه، كما قال هؤلاء، قال بعضهم: هما من الوجه فيغسلان معه، وإليه ذهب الزهري وداود.