قال أبو عيسى: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وفي الباب عن أبي المليح عن أبي هريرة وعن أبيه وأبي هريرة وأنس، وأبو المليح بن أسامة اسمه: عامر، ويقال: زيد بن أسامة بن عمير الهذلي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- أبو عيسى محمد عيسى بن سورة الترمذي، المتوفى سنة تسع وسبعين ومائتين، في كتابه الجامع الذي هو أحد أصول الإسلام الخمسة المتفق عليها، والسادس اختلف فيه أهل العلم الخمسة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، اختلف في السادس فمنهم من جعله موطأ الإمام مالك كرزين في تجريد الأصول، وابن الأثير في جامعه، ومنهم من جعله الدارمي، ومنهم من جعله السادس ابن ماجه كابن طاهر في شروط الأئمة وفي أطرافه.
أما جامع أبي عيسى فمتفق على كونه من الستة لم يختلف فيه أحد، يقول -رحمه الله تعالى-: "أبواب الطهارة" جرت عادة المؤلفين أن يترجموا بتراجم كبرى ويفرعوا عليها، فيقولون: كتاب هذه هي العادة المطردة عندهم، ويدرجون تحت الكتاب أبواب، وتحت الأبواب أحاديث، وفي غير الحديث فصول، أبو عيسى -رحمه الله تعالى- لم يذكر كتب في ثنايا كتابه، لم يذكر كتباً، وإنما ذكر أبواب جمع باب، والباب في الأصل ما يدخل ويخرج منه، هذه حقيقته اللغوية والعرفية العامة، أما حقيقته العرفية الخاصة عند أهل العلم فهو ما يضم مسائل وفصول، أو ما يستنبط منه المسائل كالأحاديث.
"أبواب الطهارة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الأبواب جمع باب كما ذكرنا، والطهارة مصدر طهر يطهر طاهرة، وطهراً، والمصدر طهّر تطهيراً، ويراد بها النظافة والنزاهة، هذه حقيقتها اللغوية، وأما حقيقتها الشرعية: فهي رفع الحدث سواء كان الأكبر أو الأصغر.