والحال الثانية: أن يكون في وضوئه الأول لم يستعمل في عبادة لا تؤدى إلا بالطهارة، فمثل هذا عامة أهل العلم على عدم استحبابه؛ لأنه زيادة على القدر المشروع في الوضوء من غير حاجة، يفرقون بين هذا وهذا، وإلا فما الذي يمنع من أن الإنسان إذا فرغ من وضوئه أعاده ثانية ثم أعاده ثالثة بزعم تجديد الوضوء؟ فالفارق بين هذا وهذا أن يستعمل الوضوء الأول في عبادة لا تؤدى إلا بطهارة، يعني لو قلنا: إن تجديد الوضوء مستحب ولو لم يستعمل في طهارة لقال من قال: إنه إذا فرغ من الوضوء أعاده ثانية، الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، ثم يعيده ثلاثاً ثلاثاً ثانية وهكذا، ويزعم أنه يفعل تجديد الوضوء المستحب، وهذا لا يمكن أن يقال به، بل هذا أمر مبتدع، لا سيما مع قرب الفاصل بين الوضوئين، أما إذا فعل به عبادة انتفى المحظور، يكون الوضوء الأول للعبادة الأولى والتجديد للثانية وهكذا.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن حميد -بن حيان- الرازي" حافظ، ضُعف من قبل أهل العلم، ضعفوه، توفي سنة ثمان وأربعين، يعني ومائتين "قال: حدثنا سلمة بن الفضل" الأبرش، مولى الأنصار، قاضي الري، صدوق كثير الخطأ، من التاسعة "عن محمد بن إسحاق" إمام أهل المغازي، كلام أهل العلم فيه طويل جداً، كذبه مالك، وقال: دجال من الدجاجلة، ووثقه غيره، والتوسط في أمره أن يقال: صدوق، صدوق، أما إذا حدث في المغازي فلا يقدم عليه غيره، اللهم إلا إن كان من ثقات الأئمة كموسى بن عقبة وغيره، أما ابن إسحاق فهو إمام أهل المغازي، والكلام في روايته عند أهل العلم معروف، الكلام فيه يستوعب مصنف، والتوسط في أمره أن يقال: صدوق، لكنه أيضاً مدلس، فيحتاج في روايته إلى التصريح بالتحديث أو السماع "عن حميد" بن أبي حميد الطويل، ثقة عند أهل العلم "عن -الصحابي الجليل- أنس -بن مالك- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ لكل صلاة" يعني مفروضة "طاهراً أو غير طاهر" طاهراً أو غير طاهر،