قال:"رواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً، وهذا أصح من حديث وكيع" فالمرسل عند الترمذي هنا أصح؛ لأن رواته أكثر، والاختلاف إنما هو في رواية محارب فقط، أما الرواية الأولى فهي سالمة من هذا الاختلاف، وإذا اختلف في الوصل والإرسال بالنسبة للخبر، في الوصل والإرسال، يرويه بعضهم مرسلاً ويرويه بعضهم موصولاً، فالخلاف بين أهل العلم في الترجيح بين هذه الروايات المختلفة معروف، وفيها أقوال، منهم من يقول: الحكم لمن وصل؛ لأن الوصل زيادة ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة، ووكيع إمام، هذا الوصل زيادة من إمام الذي هو وكيع فلا مناص ولا مفر من قبولها، وأطلق الاتفاق على ذلك، "بعضهم حكى بذا إجماعاً" كما قال الحافظ العراقي، ومنهم من يقول: الحكم لمن أرسل؛ لأن الإرسال هو المتيقن، وذكر بريدة في الخبر مشكوك فيه، مرة يذكر ومرة ما يذكر، فهو مشكوك فيه فالحكم لمن أرسل.
ومنهم من يقول: الحكم للأحفظ، ولا شك أن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد كما قال الإمام الشافعي، ومنهم من قال: الحكم للأكثر، وهذان القولان يؤيدان قول الترمذي كالقول الذي قبله، يعني ثلاثة أقوال تتظافر في ترجيح كلام الترمذي، الحكم لمن أرسل هذا يؤيد كلام الترمذي، الحكم للأكثر هذا أيضاً يؤيد كلام الترمذي، الحكم للأحفظ ولا شك أن الأكثر أحفظ، فالجماعة أولى بالحفظ من الواحد كما قال الإمام الشافعي، فالمرسل أصح؛ لأن الرواة أكثر، والكلام كله في رواية محارب بن دثار، أما الرواية الأولى فلا كلام فيها، مخرجة في صحيح مسلم ومتصلة ما فيها إشكال.