"باب: ما جاء في الرخصة في ذلك" وهذه عادته -رحمه الله- حينما يذكر الحكم السابق يتبعه بالحكم اللاحق، يتبعه بالحكم اللاحق، ولذا ينبغي أن يقرئ البابان في مجلس واحد، ولا يقتصر طالب العلم على قراءة باب ثم يترك الثاني؛ لئلا يعمل بما جاء في الباب السابق، كما صنع بعضهم في باب: ما جاء في قتل الكلاب والأمر به، قرأ هذا الباب وأخذ المسدس وخرج فإذا رأى كلباً قتله، وفي الباب الذي يليه باب: ما جاء في نسخ الأمر بقتل الكلاب، باب: ما جاء في نسخ الأمر بقتل الكلاب، وهو يليه مباشرة، بينهما صفحة، فماذا يصنع بما قتل؟ المقصود أن مثل هذا يجعل طالب العلم يأخذ العلم متكاملاً، ويكون تصوره للمسائل متكامل، ما يأخذ طرف المسألة ثم يعمل بها، فإذا بلغه الناسخ كأنه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا يلزمه القول أو العمل بالناسخ حتى يبلغه، لا، الآن بلغك الناسخ، وليس هذا لك ولأمثالك من المبتدئين، نعم الأئمة قد يخفى عليهم الناسخ لا يبلغهم حديث فيعملون بالمنسوخ وهم في ذلك معذورون؛ لأنهم أهل للاجتهاد، أما أوساط الطلبة وعوام الناس إذا سمع خبر وهو لا يدري هل هو ناسخ أو منسوخ ذهب ليعمل به، هذا يضل ويُضل، كما قال علي -رضي الله تعالى عنه- لقاص من القصاص: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت، فالذي ينادي صغار الطلاب بالاجتهاد والتفقه من الكتاب والسنة يرد عليه مثل هذا، يرد عليه مثل هذا، لكن لا تجد في كتب الفقه مثل هذا الكلام يأتيك المنسوخ في باب ثم الناسخ في باب آخر، أبداً، المسألة في موضع واحد، لكن من الفقهاء من يرى النسخ، فيثبت الناسخ وقد يشير إلى المنسوخ، ومنهم من لا يرى النسخ في هذه المسألة فيثبت الحكم الأول، على كل حال هذا يرد على من يطالب المبتدئين أو يطالب كل أحد بالتفقه من الكتاب والسنة، ولا شك أن الأصل في التفقه هو الكتاب والسنة، لكن يبقى أن ذلك للمتأهل، ولذلك يقول: باب: ما جاء في الرخصة في ذلك، وفي كثير من الأبواب يذكر الأمر على ما كان عليه أولاً ثم يتبعه بالرخصة.