"أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض" جمع حيضة الخرقة التي تستعمل في دم الحيض، الخرقة التي تستعمل في دم الحيض "ولحوم الكلاب والنتن؟ " النتن بإسكان التاء، أو النَتِن فعِل، المراد به المنتن الذي تغيرت رائحته كالجيف مثلاً "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) إن الماء: الماء هذه للجنس هذا الأصل فيها، وقد يراد بها العهد يعني الماء المسئول عنه، المذكور في السؤال، الماء ماء بئر بضاعة طهور: يعني طاهر مطهر لا ينجسه شيء مما يلقى فيه، يعني لكثرته، لكثرته فإن بئر بضاعة كثير الماء لا يتغير بوقوع هذه الأشياء، لا يتغير له لون ولا طعم ولا رائحة.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وقد جود أبو أسامة هذا الحديث" يعني ضبطه وأتقنه، وصححه أحمد وابن معين والحاكم، وابن حزم، ومقتضى التصحيح من هؤلاء الأئمة أن عبيد الله الذي حكم عليه بأنه مستور أنه معروف عند هؤلاء الأئمة لا مستور، يعني مقتضى التصحيح أنه معروف لا مستور.
"فلم يروِ أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد" وهذا الحديث لا شك أنه حجة لمن يقول: إن الماء يبقى على أصله مهما وقع فيه من النجاسات إذا لم يتغير لونه ولا طعمه ولا ريحه، أما إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه فهذا محل إجماع إلا ما يذكر عن الظاهرية من العمل بإطلاق هذا الحديث أنه لا ينجسه شيء ولو تغير، هذا ذكر في بعض الشروح عن الظاهرية والذي يفهم من كلام ابن حزم في المحلى أنه مع الأئمة، إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه هذا محل إجماع؛ لأن المباشر المستعمل لهذا الماء المتغير بالنجاسة إنما هو مباشر للنجاسة، إنما هو مستعمل للنجاسة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد، يعني إذا روي عن أبي سعيد من غير وجه معناه أنه رواه غير عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج، فيكون قد توبع عليه، إذا كان روي من غير وجه عن أبي سعيد فيكون قد توبع عليه، وتصحيح الأئمة لا يرفع الجهالة عن عبيد الله؛ لأن المجهول حديثه يرتقي بالطرق الأخرى، فيبقى مستور وحديثه منجبر برواية غيره، وعلى كل حال الحديث صحيح.