يقول القرطبي: لا يجوز النصب إذ لا تضمر (أن) بعد (ثم)، نعرف أن (أن) تضمر بعد واو المعية، وبعد فاء السببية، إذا تعقبت الأمور التسعة المعروفة عند النحاة.
لا تضمر (أن) بعد (ثم) وأجازه ابن مالك بإعطاء ثم حكم الواو، تعطى ثم حكم الواو، وحينئذٍ يجوز النصب، وتعقبه النووي تعقب ابن مالك، إذا قلنا: بجواز النصب تعقبه النووي بأن ذلك يقتضي أن يكون النهي عن الأمرين معاً، النهي عن الجمع بين الأمرين، ولا يدل على النهي عن البول وحده أو الاغتسال والوضوء وحده، وهذا يبطل فائدة الحديث على حد زعم النووي؛ لأنه إذا قلنا: النهي عن الأمرين معاً، جاز البول وحده، وجاز الوضوء وحده، وفي الأحاديث ما يدل على منع البول وحده، وما يدل على منع الاغتسال وحده، فهذا يبطل دلالة هذا الحديث، هذا كلام النووي.
وقال ابن دقيق العيد: أنه لا يلزم أن تؤخذ جميع الأحكام من حديث واحد، يعني يؤخذ تحريم البول وحده من إفراده في بعض الروايات، ويؤخذ تحريم الاغتسال والانغماس وحده مما جاء في بعض الروايات، ويؤخذ الجمع بينهما من رواية النصب، من رواية النصب التي جوزها ابن مالك.
وقال ابن دقيق العيد: إنه لا يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة لفظ واحد فيؤخذ النهي عن الجمع بينهما من هذا الحديث على رواية النصب إن ثبتت وإلا هذا مجرد تجويز من ابن مالك، ويؤخذ الإفراد من حديث آخر، فجاء عند مسلم من حديث جابر:"نهى عن البول في الماء الراكد" وعنده من حديث أبي هريرة: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) فجاء النهي عن البول وحده، وجاء النهي عن الاغتسال وحده، والجمع بينهما من باب أولى، سواءً ثبتت رواية النصب أو لم تثبت، سواءً ثبتت رواية النصب أو لم تثبت؛ لأن النصب تجويز من ابن مالك، ولم يذكر في ذلك رواية، وعلى كل حال إذا ثبت البول وحده والاغتسال وحده يثبت من باب أولى الجمع بينهما، يثبت النهي عن الجمع بينهما من باب أولى.
((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه)) قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح" ومخرج في الصحيحين وغيرهما، حديث الجماعة، "وفي الباب عن جابر" عند مسلم نهى عن البول في الماء الراكد، هذا عند مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه-.