"حدثنا معن قال: حدثنا مالك عن صفوان بن سليم" الزهري مولاهم، المدني، ثقة عابد "عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق" وثقه النسائي من السادسة "أن المغيرة بن أبي بردة" الكناني، وهو من بني عبد الدار وثقه النسائي أيضاً، أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل، الرجل المبهم هو كما جاء في بعض الروايات عبد الله المدلجي العركي الملاح، الملاح قائد السفينة "سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر" نركب البحر، يعني بواسطة ما يثبت على البحر من قارب أو سفينة أو باخرة أو ما أشبه ذلك، نركب البحر زاد الحاكم:"نريد الصيد، ونحمل معنا القليل من الماء" وقد يستدرجهم الصيد إلى الإبحار البعد في عمق البحر، ثم ينفذ هذا الماء الذي معهم "ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ " وكأنهم ترددوا في الوضوء به لما رأوا من تغير لونه وطعمه ورائحته، رائحة البحر متغيرة، بسبب ما يموت فيه من أسماك وحيتان وغيرها، وطعمه أيضاً متغير، ولونه متغير أحياناً، لا سيما إذا قرب من الساحل، شكوا في طهارة ماء البحر، فأجابهم النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلاً:((هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)) الطهور بفتح الطاء أي المطهر، والصيغة مبالغة، ومنه قوله تعالى:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا} [(٤٨) سورة الفرقان] ولم يقل في جوابه نعم، ما قال في جوابه نعم، يريد أن يجيب بحكم مقرون بعلته، الغرض من هذا اقتران الحكم بعلته، ما قال نعم تطهروا، قال:((هو الطهور ماؤه)) وذكر العلة تقتضي أن الجواب نعم تطهروا به؛ لأنه هو الطهور ماؤه، وليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية في بابها.
((الطهور ماؤه)) ماؤه فاعل لصيغة المبالغة، وأيضاً: الحل فاعل المصدر، حل يحل حلاً، فالحل مصدر وماؤه .. ، ميتته فاعل والمصدر يعمل عمل فعله، فماؤه طهور، وميتته حلال، وأجيبوا بأكثر مما سألوا للحاجة الداعية إلى ذلك، الحاجة تدعو إلى ذلك.
وقولهم: يجب مطابقة الجواب للسؤال معناه أن لا ينقص الجواب عن السؤال، أما إذا زيد في الجواب مما يحتاجه السائل، وقد غفل عنه، هذا أمر مطلوب ومحمود.