أبو هريرة الصحابي الجليل، الفقيه القارئ المحدث المشهور، معدود من القراء ومن الفقهاء ومن المفتين المكثرين في عهد الصحابة مع توافرهم وكثرتهم، ورماه بعضهم بعدم الفقه، كما أن هذا أيضاً رمى ابن عمر بعدم الفقه، نظراً لميله إلى التنسك والعبادة، وبنى على ذلك أن أحاديث أبي هريرة وأحاديث ابن عمر لا تقبل في الأحكام وإنما تقبل في الفضائل، رتبوا على كون ابن عمر عابد وناسك أنه لا يعنى بالفقه، ورتبوا على كون أبي هريرة راوية للحفظ فقط، وأنه لا يعنى بالفهم، رتبوا عليه أنه غير فقيه، وفرعوا على ذلك أن الرواية في الفقه لا تقبل إلا عن الفقهاء، وهذا قول معروف في بعض المذاهب، لكن فقه ابن عمر لا يحتاج إلى استدلال، بل هو من فقهاء الصحابة، ومن العبادلة المشهورين بالفتيا، وأما أبو هريرة فأثبت شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه من الفقهاء، وأستدل على ذلك بمسائل في الفتاوى رداً على من رماه بغير الفقه، منها: ما ذكره عن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه سأل أبا هريرة فقال: إذا طلقت الرجعية ثم نكحت زوجاً أخر هل ترجع بطلقاتها أو تعود صفر كالبائن؟ المطلقة ثلاثاً إذا بانت من زوجها ونكحها زوج آخر ثم طلقها ورجعت إلى الأول تكون صفر من جديد تبدأ، ماذا عن من طلقت مرة أو مرتين ثم تزوجت زوج آخر تعود بطلقاتها الأولى والثانية أو تعود صفراً كالبائن؟ عمر سأل أبا هريرة هذا السؤال، فماذا قال؟ أبو هريرة قال له: تعود بطلقاتها السابقة، تعود بطلقاتها السابقة، وأنه لا تمحى الطلقات إلا بالبينونة التي لا يرتب عليها ما بعدها، أما ما أمكن ترتيب ما بعده عليه فإنها تعود به، هكذا قال أبو هريرة لعمر -رضي الله تعالى عنه-، وحينئذٍ شهد له بالفقه، وهناك مسائل كثيرة نقلها شيخ الإسلام وابن القيم للاستدلال على أن أبا هريرة من فقهاء الصحابة، خلاف لمن يرميه بغير ذلك، نقل عنه فتاوى وعده ابن القيم من المفتين في الصحابة في أعلام الموقعين ذكر المكثرين من الفتوى ثم المتوسطين وعد منهم أبا هريرة، المقصود أنه من فقهاء الصحابة، وذكر ابن العربي أنه في بغداد لما زار المشرق اجتمع في مجلس فتكلم شخص فقال: حدثنا شيخنا فلان أنه اجتمع نفر في مجلس فطعن أحدهم في أبي