"قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن)) هذا شك، هذا شك من الراوي هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: المسلم أو المؤمن؟ ((فغسل وجهه)) هذا عطف تفسير، غسل وجهه معطوف على توضأ من باب عطف التفسير، أو يقال: إذا توضأ أراد الوضوء، إذا توضأ أراد الوضوء فغسل وجهه يعني باشر الوضوء؛ لأن الفعل الماضي يطلق ويراد به الفراغ من الشيء كما هو الأصل باعتبار أن الفعل يدل على الحدث في الزمن الماضي، الفعل الماضي، ويطلق ويراد به الشروع في الشيء، ويطلق ويراد به إرادة الشيء، ففي قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا كبر فكبروا)) يعني إذا فرغ من التكبير فكبروا ((إذا ركع فركعوا)) يعني إذا شرع في الركوع اركعوا {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [(٩٨) سورة النحل] يعني إذا أردت القراءة {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(٦) سورة المائدة] إذا أردتم القيام، وهنا إذا توضأ يعني أراد الوضوء.
((إذا توضأ -أراد الوضوء- العبد المسلم أو)) هذه للشك ((أو المؤمن فغسل)) الفاء عاطفة، وقلنا: إن هذا من باب عطف التفسير ((وجهه خرجت)) جواب (إذا) إذا توضأ فعل الشرط، وجوابه: خرجت، يعني: غفرت ((خرجت من وجهه كل خطيئة)) يعني كل ذنب ((نظر إليها بعينيه)) كل خطيئة، (كل) من ألفاظ العموم ((نظر إليها بعينيه مع الماء)) نظر إليها بعينيه، كل هذا "كل خطيئة" من ألفاظ العموم، وعلى هذا يدخل جنس الخطيئة، فيشمل الكبائر والصغائر، هذا من خلال هذا اللفظ الذي يفيد العموم، لكن الجمهور على أن العبادات إنما تكفر الصغائر، وإذا كانت الصلاة لا تفكر الكبائر فالوضوء من باب أولى الذي شرع من أجل الصلاة، إذا كانت الغاية لا تكفر الكبائر إذاً الوسيلة من باب أولى، فالجمهور على أن الذنوب المكفرة والخطايا الممحوة بهذه العبادات أعني الوضوء والصلاة والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان المراد بها الصغائر، وقد جاء ما يدل على ذلك بالنص ((ما اجتنت الكبائر))، ((ما لم تغش كبيرة)) وهذا قول الجمهور، وإن كان بعض أهل العلم يميل إلى أنها تكفر جميع الذنوب الكبائر والصغائر.