"وقال: ((اشربوا من ألبانها وأبوالها)) فقتلوا راعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستاقوا الإبل" أي ساروا بها سيراً حثيثاً "وارتدوا عن الإسلام، فأتي بهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف" يعني أمر بذلك، أمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، يعني قطعت اليد اليمنى مع الرجل اليسرى.
ومنهم من يقول: إنه قطع أيديهم وأرجلهم، قطع اليدين والرجلين، وتركهم في الحر يستسقون فلا يسقون، ولكن النص صريح في أنه قطع يداً واحدة ورجلاً واحدة من خلاف، وهو الذي يدل عليه لفظ: من خلاف؛ لأنه لو كان القطع لليدين والرجلين ما صار لقوله من خلاف فائدة، إنما يقال: من خلاف يعني مع المخالفة بين اليد والرجل، فتقطع اليمنى من الأيدي، واليسرى من الأرجل "فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمر أعينهم" سمر أعينهم: وقع التصريح بالمعنى في رواية البخاري بلفظ: "ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها" سمر أعينهم، في نسخة:"سمل" بعض الروايات: "سمل" والسمل: فقأ العين بأي شيء كان قاله الخطابي، فإحماء المسامير وكحلهم بها فقءٌ لأعينهم فيصح أن يقال عنه: سمل وسمر؛ لأن السمر يقع بأي شيء، إذا كان فقأ العين بأي شيء يقال له: سمل فهل يخالف ما جاء من أنه أحمى مسامير فكحلهم بها؟ لا يخالف؛ لأن من لازم كحلهم بهذه المسامير المحماة فقأ أعينهم.
"وألقاهم بالحرة" الحرة أرض معروفة بالمدينة في شرقها وغربها حرتان، وهما اللابتان، وهما عبارة عن أرض تكسوهما الحجارة السود "وألقاهم بالحرة" فكانوا يستسقون فلا يسقون، "قال أنس: فكنت أرى أحدهم يكد الأرض بفيه" يعني يحكها "فكنت أكد الأرض بفيه" يعني يحكها "حتى ماتوا، وربما قال حماد: يكدم الأرض" أي يعضها، "بفيه حتى ماتوا".
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وقد روي من غير وجه عن أنس، وهو قول أكثر أهل العلم.
اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.