مثل هذا الحديث -حديث العرنيين- وفيه مثل هذه القوة والصرامة في تنفيذ الحد لا شك أنه ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وليس لأحد كلام، إلا أنه عيب من حدث به على الحجاج، يعني ذكر قصة العرنيين للحجاج، والحجاج هل هو بحاجة إلى مزيد من الظلم؟ نعم؟ فمثل هذا الحديث يحجب عن مثل الحجاج، عيب من حدث به على الحجاج، لا شك أن مثل هذا الحديث يحجب عن مثل الحجاج في ظلمه وطغيانه؛ لأن هذا يزيده، يجد في هذا مستمسك، ولذلك يقال: إن النصوص علاج لأمراض الأفراد وأمراض المجتمعات، يعني إذا وجدت شخص متساهل ومتراخي مثل هذا تورد عليه من نصوص الوعيد ما يجعله يلزم الطريق الجادة، وإذا وجدت شخص متشدد تورد عليه من أحاديث الوعد ما يجعله يسلك الجادة، فالخوارج يعالجون بنصوص الوعد، والمرجئة يعالجون بنصوص الوعيد، قل مثل هذا فيما يغلب على المجتمعات من تشدد أو تساهل، ولذلك عابوا على من حدث الحجاج بهذا الحديث، وقلنا مراراً: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر لعبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في شهر مع أنه حث على قراءة القرآن والإكثار منها، وأن بكل حرف عشر حسنات، هل يقال هذا لكل الناس؟ اقرأ القرآن في شهر، شخص لا يقرأ القرآن إلا في رمضان، يقال له: اقرأ القرآن في شهر؟ نقول: عثمان يختم في ركعة، ولعله يقرأ القرآن في شهر، لكن شخص يقرأ القرآن باستمرار وعاقه قراءة القرآن عن بعض الواجبات وشغله عن بعض ما أوجب الله عليه من بعض المهمات نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعبد الله بن عمرو:((اقرأ القرآن في شهر)) لأنه يخشى أن يعطل ما هو أوجب من ذلك، فالمسألة مسألة معالجة، قال لعبد الله بن عمرو في آخر الحديث:((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) ومع ذلك زاد عبد الله بن عمرو؛ لأنه نظر إلى هذا النص باعتبار أنه من باب الرفق به لا من باب الإلزام، ولذا لا يكره أهل العلم أن يقرأ القرآن في ثلاث، فمثل هذه النصوص نحتاج إليها في معالجة أوضاع الناس.