قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، قال: وسمعت صالح بن عبد الله يقول: سألت عبد الله بن المبارك عمن نام قاعداً معتمداً؟ فقال: لا وضوء عليه.
قال أبو عيسى: وقد روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه.
واختلف العلماء في الوضوء من النوم فرأى أكثرهم أن لا يجب عليه الوضوء إذا نام قاعداً أو قائماً حتى ينام مضطجعاً، وبه يقول الثوري وابن المبارك وأحمد قال: وقال بعضهم: إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء وبه يقول إسحاق، وقال الشافعي: من نام قاعداً فرأى رؤيا أو زالت مقعدته لوسن النوم فعليه الوضوء.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الوضوء من النوم" النوم معروف وهو موتة صغرى، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ} [(٤٢) سورة الزمر] فسمى النوم موتاً، وذلكم لمفارقة الروح للجسد، فهو مشبه للموت، إلا أنه ليس بموت تفارق فيه الروح الجسد مفارقة دائمة، مستمرة حتى البعث، فبالإمكان أن تعود بأدنى سبب، بأدنى سبب بصوت أو لمس أو ما أشبه ذلك، والناس يتفاوتون في هذا، منهم من يستغرق استغراقاً بحيث لا يحس بمن حوله، ومنهم من هو سريع الانتباه، فيتفاوتون في هذا تفاوتاً كبيراً ولهذا التفاوت أثر في النقض، نقض الوضوء وعدمه، ولذلك قال:"باب: ما جاء في الوضوء من النوم" قال: "حدثنا أحمد بن موسى" الفزاري أبو محمد "كوفي" صدوق يخطئ، ورمي بالرفض، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومائتين "وهناد" وهو ابن السري "ومحمد بن عبيد بن محمد" بن واقد "المحاربي" الكوفي، صدوق من العاشرة أيضاً "المعنى واحد" يعني معنى ما يرويه هؤلاء واحد، وإن اختلفت ألفاظهم، وأبو داود كثيراً ما يقول: حدثنا فلان وفلان وفلان المعنى، ويرد بذلك مثل ما أراد الترمذي هنا المعنى واحد وإن كانت الألفاظ مختلفة.