"قال: وفي الباب عن عائشة وابن مسعود" وكلاهما عند ابن ماجه "وأبي هريرة" عند البيهقي.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون".
ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح".
وأخرجه مسلم وأبي داود، وفي رواية أبي داود:"كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون".
قال الشارح: فظهر من هذه الرواية أن المراد من قوله: "ينامون" أنهم كانوا ينامون قعوداً، ظهر من هذه الرواية رواية أبي داود أنهم كانوا ينامون قعوداً وهم ينتظرون الصلاة.
وقال في القاموس: خفق فلان رأسه إذا نعس، يعني مجرد نعاس، ولا سيما أنهم جلوس ينتظرون صلاة العشاء، فهو مجرد نعاس، وقد تمكنوا من الأرض، فالذي يغلب على الظن أنه لا يخرج منهم شيء، فالنعاس والسنة مع تمكن المقعدة ليس بناقض للوضوء، أما النوم المستغرق غير المتمكن من مضطجع أو ساجد أو غير ذلك، لا شك أنه ناقض كما جاء في حديث صفوان بن عسال، ولكن من غائط أو بول أو نوم، أمرنا أن لا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من غائط أو بول أو نوم، فدل على أن النوم ناقض للوضوء، وجاء في الحديث ما يدل على أن النوم ليس بناقض، ولا بد من التوفيق بين هذه النصوص بحمل النوم الناقض على المضطجع الذي لا يأمن من خروج الخارج منه وهو لا يشعر، مع الاستغراق بحيث لا يشعر بما يدور حوله، أما إذا كان النوم سنة، يعني خفيف، أو كان متمكناً جالساً، أو واقفاً بحيث إذا نام سقط، فمثل هذا لا ينقض الوضوء.
"قال: وسمعت صالح بن عبد الله" بن ذكوان الباهلي الترمذي، صدوق مات سنة تسع وثلاثين ومائتين، "سمعت صالح بن عبد الله يقول: سألت عبد الله بن المبارك عمن نام قاعداً معتمداً؟ فقال: لا وضوء عليه" أي لا يجب عليه الوضوء؛ لأنه متمكن، معتمد متمكن بحيث لا يخرج منه شيء، وإلا فالأصل أن النوم مظنة للحدث، نعم؟