حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الوضوء مما مست النار ولو من ثور أقط)). قال: فقال له ابن عباس: يا أبا هريرة أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟ قال: فقال أبو هريرة: يا ابن أخي إذا سمعت حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تضرب له مثلاً.
قال: وفي الباب عن أم حبيبة وأم سلمة وزيد بن ثابت وأبي طلحة وأبي أيوب وأبي موسى.
قال أبو عيسى: وقد رأى بعض أهل العلم الوضوء مما غيرت النار، وأكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم على ترك الوضوء مما غيرت النار.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الوضوء مما غيرت النار" مما غيرت النار، يعني مما مسته من المطبوخ، "باب: ما جاء في الوضوء مما غيرت النار" يعني قلبته من حال إلى حال، من نيئٍ إلى ناضج، ونحو ذلك.
قال -رحمه الله-: "حدثنا ابن أبي عمر" تقدم أنه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني "قال: حدثنا سفيان" وهو ابن عيينة، وإن جاء في بعض النسخ الثوري، لكنه معروف من حديث ابن أبي عمر عن ابن عيينة، والقاعدة: أنه إذا كان بين المؤلفين من أصحاب الكتب الستة وبين سفيان واحد فقط فهو ابن عيينة، وإن كان بينهما اثنين فالمراد به الثوري غالباً، وقد ينزل المؤلف فيروي عن سفيان بن عيينة بواسطة اثنين، وقد يعلو سنده فيروي عن سفيان وهو متقدم، سفيان الثوري، بواسطة واحد، لكن هذا قليل نادر، والجادة أنه إذا كان بين الإمام المصنف من أصحاب الكتب الستة واحد فقط، فالذي يغلب على الظن أنه ابن عيينة، وإذا كان الواسطة اثنين فالذي يغلب على الظن أنه الثوري، وذكرنا مراراً أن الحافظ الذهبي -رحمه الله- ذكر قواعد وضوابط في آخر المجلد السابع من السير، للتفريق بين السفيانين والحمادين وغيرهما.