"فقال أبو هريرة: يا ابن أخي إذا سمعت حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تضرب له مثلاً" لأن بعض الناس إذا سمع الخبر ينظر يقول: هذه المسألة التي اشتمل عليها الخبر نظير المسألة الأخرى التي جاء فيها كذا باجتهاده، والكلام من صريح قوله -عليه الصلاة والسلام- هذا لا يمكن التنظير فيه، فضلاً عن أن يقول كما قال بعض الشراح: في هذا الحصر نظر، يعني في حديث:((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) قال بعض الشراح: في هذا الحصر نظر، من الذي قال:((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة))؟ الذي لا ينطق عن الهوى في الحديث الصحيح، الذي لا كلام لأحد فيه، قال: في هذا الحصر نظر، فالتنظير في مثل هذا لا شك أنه سوء أدب، وإن كان يعي ما يقول فالأمر خطير جداً؛ لأنه معارضة لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما إذا كان سبب المعارضة ظن المعارض أن هذا من فهم الراوي، وأن المسألة تقبل النقاش، وعندي من الفهم ما يعارض به هذا الفهم، فالمسألة أوسع كما في حديث الباب.
"قال أبو عيسى -رحمه الله-: وفي الباب عن أم حبيبة" وهو مخرج في المسند وسنن أبي داود والنسائي، فيه أيضاً عن "أم سلمة" وهو مخرج عند أحمد في المسند والطبراني، وفيه عن "زيد بن ثابت" عند مسلم، "وأبي طلحة" عند الإمام أحمد والطحاوي والطبراني "وأبي أيوب" عند النسائي والطبراني، ومن حديث "أبي موسى" عند أحمد والطبراني أيضاً.
"قال أبو عيسى: وقد رأى بعض أهل العلم الوضوء مما غيرت النار" عملاً بحديث الباب "وأكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم على ترك الوضوء مما غيرت النار" وسيأتي في الحديث اللاحق ما يدل على النسخ على أن العلماء اختلفوا في التوفيق بين هذا الحديث والذي يليه هل هو من باب النسخ فلا وضوء مطلقاً؟ أو هو من باب الصرف من التحريم إلى الكراهة فيستحب الوضوء مما غيرت النار؟ لأن الأمر به ثابت ((توضئوا مما مست النار)) في صحيح مسلم.