قوله: حكي عن أصحاب الحديث، يعني إذا كان مالك والشافعي لا يرون نقض الوضوء من لحم الإبل فكيف ينسب هذا العمل إلى أهل الحديث؟ يعني أهل الحديث من أهل العناية به والتفقه فيه من غير المتبوعين، يعني من غير المتبوعين.
وحكي عن أصحاب الحديث مطلقاً، وحكي عن جماعة من الصحابة احتجاجاً بحديث البراء وجابر بن سمرة.
يقول النووي: وهذا المذهب أقوى دليلاً وإن كان الجمهور على خلافه، ومذهبه أعني الشافعي النووي شافعي المذهب، لكنه رجح أن الأكل من لحم الإبل ناقض من نواقض الوضوء، وخرج عن ربقة التقليد اتباعاً للحديث، وهذا كثير عنده -رحمه الله- ومثله ابن المنذر والبيهقي وكثير من الشافعية ميلهم إلى الحديث، وهم في ذلك يتبعون إمامهم؛ لأنه أثر عنه أنه قال:"إذا صح الحديث فهو مذهبي" ولو صح كذا لقلت به، فإذا صح عند أتباعه كانوا تابعين لإمامهم ولو خالفوه، باعتبار أنه لو صح الخبر عنده لعمل به، وما دام صح عندهم فأصولهم تقتضي العمل به وإن لم يقل به الإمام.
وعلى كل حال المرجح في هذه المسألة أن الأكل من لحم الإبل ناقض للوضوء لهذين الحديثين، وما جاء في لحم الإبل خاص، وما جاء من قوله -من قول جابر-: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار" عام.