"قال أبو عيسى: وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعض التابعين أنهم لم يروا الوضوء من مس الذكر، وهو قول أهل الكوفة وابن المبارك" من الصحابة علي وعمار وابن مسعود وابن عباس وحذيفة وأبي الدرداء والنخعي وربيعة والثوري وأبو حنيفة كل هؤلاء يقولون: لا ينقض الوضوء، يعني في مقابل من تقدم من الصحابة والتابعين والأئمة، الجمهور على النقض، ولم يقل بهذا من الأئمة المتبوعين إلا أبو حنيفة.
من الصحابة علي وعمار، وهناك عمر وابنه وابن مسعود، قالوا: إذا اختلف عبد الله بن عمر وابن مسعود فيقدم ابن مسعود، لا شك أن ابن مسعود أفقه من ابن عمر، لكن يبقى أنه إذا قلنا: إن حديث طلق منسوخ، حديث طلق بن علي منسوخ فقد لا يطلع ابن مسعود على الناسخ، كما في التطبيق في الركوع منسوخ، ثبتت الأحاديث الصحيحة بنسخه، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يضع يديه على ركبتيه حال الركوع، التطبيق منسوخ بالاتفاق، لا قائل به من أهل العلم، ومع ذلك استمر ابن مسعود عليه؛ لأنه لم يبلغه الناسخ، فلا يبعد في هذا أن لا يبلغه الناسخ، وإن كان فقيهاً من جلة الصحابة في هذا الباب، يعني قوله إذا اختلف مع غيره قد يقدم على كثير من الصحابة، لكن ما دامت المسألة فيها ناسخ ومنسوخ فقد يخفى الناسخ على ابن مسعود، ولا يفترض أن يكون مثل ابن مسعود -مع جلالته وإمامته وفقهه- أن يطلع على كل شيء، فقد خفي على أبي بكر وعلى عمر ما وجد عند غيرهما من الصحابة من هو أقل شأناً منهما.