الجمهور الذين عملوا بحديث بسرة وقالوا: إن مس الذكر ينقض الوضوء، قالوا: إن حديث بسرة ناسخ لحديث طلق، حديث بسرة ناسخ لحديث طلق، هذا من حيث إذا أثبتنا حديث طلق، وإذا قلنا: إنه معارض بما هو أقوى منه مع ما في قيس من الكلام قلنا: حديث طلق أرجح، والعمل إنما هو بالراجح، لكن إذا أمكن الجمع ولو بالقول بالنسخ هو أولى، جمع بعضهم من وجه آخر قال: الأمر بالوضوء من مس الذكر في حديث بسرة محمول على الاستحباب، ((من مس ذكره فليتوضأ)) اللام لام الأمر والأصل في الأمر الوجوب، قال بعضهم -ولعل هذا مما يميل إليه شيخ الإسلام-: إن الأمر هنا للاستحباب، والصارف حديث طلق.
إذا تقرر هذا فعندنا أمور:
الأول: رجحان حديث بسرة على حديث طلق عند الجمهور.
الأمر الثاني: تقدُم حديث طلق على حديث بسرة.
الأمر الثالث: التقدم هذا يقتضي النسخ، ومن عمل بحديث بسرة من الصحابة والتابعين والأئمة أكثر ممن عمل بحديث طلق، وسبب ذلك مثل ما ذكرنا القول بالنسخ أو الترجيح أو الترجيح، بالمقابل أعل حديث بسرة بما ذكرناه سابقاً أن هذا الأمر .. ، وهذه من تعليلات بعض الحنفية، بعض الحنفية يصادمون النصوص بمثل هذه التعليلات العليلة، قالوا: إن الحديث مما يختص به الرجال فكيف لا ينقله إلا امرأة؟ نقول: نقله كثير من الرجال، وهو مروي عن جمع من الصحابة، فلم تستقل به هذه المرأة، ولو قدر أنه استقلت بروايته هذه المرأة فإنه لا يعني الطعن في الحديث؛ لأنها صحابية والصحابة كلهم عدول، والأمر بالتبليغ كما هو متجه إلى الرجال متجه أيضاً إلى النساء، فالرجال والنساء في باب التبليغ واحد، والمعول لذلك على الثقة والضبط.
قال:"وحديث ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر أصح وأحسن" يعني من الحديث الذي ذكره وقد روى هذا الحديث أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر عن قيس، حديث ملازم عن جده أصح من حديث أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر، وكلاهما مضعفان.