{أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ} [(٦) سورة المائدة] هل المراد منه أو من مكانه؟ يعني اللي يتصور المجيء منه المكان، "إذا أتى أحدكم الغائط" المراد به المكان وإلا الخارج؟ نعم المكان، فجاء في الشرع ما يؤيد الحقيقة العرفية وما يؤيد الحقيقة الشرعية، في حديث صفوان بن عسال:"أمرنا أن لا ننزع خفافنا إلا من جنابة، لكن من بول أو غائط أو نوم" البول والغائط والنوم هذه أحداث، فأطلق على الحدث نفسه غائط، كما أنه أطلق عليه أيضاً أطلق اللفظ هذا على المكان "إذا أتى أحدكم الغائط" في قوله -جل وعلا-: {أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ} [(٦) سورة المائدة] مثلاً المجيء هنا هل هو من المكان أو يراد به الحدث؟ لا شك أن الذي يؤتى ويؤتى منه هو المكان هذا الأصل في الاستعمال، لكن مجرد الإتيان من المكان هل يوجب وضوء؟ ما يوجب وضوء، إنما يراد به الخارج، فاستُعمل اللفظ في الشرع في حقيقتيه اللغوية والعرفية، ولا مانع أن يستعمل اللفظ في حقيقتين تكونان كلاهما شرعية، إذا جاء استعمال الشرعي النص جاء فيما يوافق اللغة وما يوافق العرف تكون الحقيقتان كلاهما شرعية، مثل المفلس: المفلس استعمل في الشرع بمن لا درهم له ولا متاع، أو كانت موجوداته أقل من ديونه ((إذا وجد أحدكم متاعه عند رجل قد أفلس)) فهذه حقيقة شرعية، وإذا قيل لك: ما المفلس؟ لا مانع أن تقول: من عليه ديون أكثر من أمواله، أو من ذهبت أمواله وهو مدين هذا مفلس، ولا مانع من أن تجيب بقوله -عليه الصلاة والسلام- لما سأل الصحابة عن المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، قال:((لا، المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال)) كلاهما مفلس، فهذه حقيقة شرعية وهذه حقيقة شرعية، وعلى هذا تطلق حقيقة شرعية على المكان وحقيقة شرعية على الخارج.