النبيذ: ما يعمل من الأشربة من التمر أو الزبيب أو العسل أو الحنطة أو الشعير كله نبيذ، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- ينبذ له، ينبذ له: يعني يلقى ويطرح التمرات أو الحبات من العنب في الماء ليكون طعمه حلواً ليلة واحدة يتخمر فيه شيء يؤثر في الطعم، ولا يؤثر في الإسكار، والفرق بين مذهب الجمهور ومذهب الحنفية في مسألة شرب النبيذ أن الجمهور يقولون: إذا كان لليلة واحدة فلا مانع من شربه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان ينبذ له، والحنفية يقولون: يشرب ما لم يغلب على الظن أنه يسكر، يعني لو كان ثلاث ليال، لو تغير واشتد وقذف بالزبد، ما لم يغلب على الظن أنه يسكر فيشرب من أي نوع كان إلا العنب، فإنهم لا يرون إلا من العنب فقط، ولا يطلقون الخمر إلا ما تخمر عن العنب، مع أن الجمهور يقولون: الخمر ما خامر العقل من أي مادة كان، وهذا هو الصحيح؛ لأنه نزل تحريم الخمر وما بالمدينة إلا التمر، لم يكن فيها عنب، فدل على أن الخمر المأخوذ من التمر خمر حقيقة شرعية ولغوية وعرفية، والحنفية يخصونه بالعنب، فيقولون: هذا النبيذ الذي يلقى فيه شيء من التمر أو غيره مما يمكن أن يتخمر ويسكر فيما بعد، إذا لم يغلب على الظن أنه يسكر ولو اشتد وقذف بالزبد فإنه يشرب، ولا شك أن قول الجمهور هو الحق الموافق للأدلة والنصوص، وقول الحنفية يجعل الإنسان على خطر لا يهاب الخمر؛ لأنه قد يغلب على ظنه أنه لا يسكر ثم يسكر، وشنع الأئمة على الحنفية في شربهم للنبيذ وإباحة شرب النبيذ، ويتفرع على هذا أن النبيذ إذا أثر فيه ما وضع فيه فقد سلبه اسم الماء لا يسمى ماء، والله -جل وعلا- كما أشار المؤلف قال:{فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(٤٣) سورة النساء] فعلق جواز التيمم على عدم الماء، وهذا ليس بماء، إذا تغير الماء ولو بطاهر انتقل عن كونه ماء، والإضافة مؤثرة يعني تقول: ماء التمر، ماء الورد، إلى غير ذلك إذا أضيف إلى غيره تأثر، فلا يسمى ماء مطلق وحينئذٍ لا يتوضأ به، الحنفية قالوا: يتوضأ به ولو أضيف؛ لأن الإضافة غير مؤثرة عندهم، يعني مثل إضافة ماء الورد وماء الحناء وماء التمر وماء كذا، كل ما أضيف لا تؤثر فيه الإضافة، كما أنها لا تؤثر