يعني لقائل أن يقول لمن قال له: إن المسح على الخفين ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، له أن يقول: إنه منسوخ بآية المائدة؛ لأن نزول المائدة متأخر، يقال له: إن إسلام جرير بن عبد الله البجلي متأخر، ما أسلم إلا بعد نزول المائدة، حتى قيل في إسلامه: إنه أسلم سنة عشر في آخر عمر النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"قال إبراهيم: وكان يعجبهم حديث جرير؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة" هذا قول إبراهيم يعني كان يعجبهم، وفيها الأمر بغسل الرجلين، فلو كان إسلام جرير متقدماً على نزول المائدة لاحتمل كون الحديث منسوخاً بآية المائدة، وعلى هذا تكون الآية مخصصة بالسنة، مخصصة أو مقيدة؟ مخصصة، يعني حال من عموم الأحوال، يعني ولو كانت مقيدة لوجب حمل المطلق على المقيد فلا تغسل الرجل مطلقاً، لكن هذا من باب: التخصيص، ابن العربي بحث مسألة نسخ القرآن بالسنة، لكن هل هذا من باب النسخ؟ يعني ما بين قول الله -جل وعلا-: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(٦) سورة المائدة] وبين مسح النبي -عليه الصلاة والسلام- على خفيه هل هذا من باب الناسخ والمنسوخ أو من باب العموم والخصوص؟ نعم هو من باب العموم والخصوص؛ لأن حكم غسل الرجلين باقي، ما رفع، نعم هو رفع جزئي، وليس برفع كلي، وكثير من السلف يسمون مثل هذا نسخ، لكن الذي استقر عليه الاصطلاح أن النسخ إنما يطلق على الرفع الكلي للحكم، لا الرفع الجزئي وهو التخصيص أو التقييد.
يقول: مسألة نسخ القرآن بالسنة، وأن الصحابة كانوا يرون ذلك، قال: هو الصحيح عندهم، أن القرآن ينسخ بالسنة، وقد منع قوم يقول: من أصحابنا وغيرهم ذلك، وجوزه آخرون.