"باب: ما جاء أن الماء من الماء" وهذا مثل ما تقدم بحثه في تقديم الناسخ على المنسوخ، والترتيب الطبيعي أن يقدم هذا لقدمه في الزمان في الوقت، قال:"باب ما جاء أن الماء من الماء" الماء هو الماء الذي يغتسل به من الماء الذي هو الخارج من الإنسان إثر الجماع، لا ماء إلا من الماء، مقتضاه أنه لا غسل إلا بالإنزال، والترمذي عقد هذه الترجمة لبيان أن هذا الحديث أن الترجمة بلفظ حديث أنه منسوخ لبيان أن ما ورد مما يدل على أن الماء من الماء منسوخ، وقوله: الماء من الماء هذا فيه الجناس التام، يأتي اللفظ واحد والمعنى مختلف.
قال:"حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا يونس بن يزيد" الأيلي، وهو ثقة "عن الزهري عن سهل بن سعد" بن مالك الأنصاري الخزرجي، له ولأبيه صحبة "عن أبي بن كعب قال: "إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهي عنها" يعني وفرض الغسل بمجرد الإيلاج، فلا يلزم نزول الماء.
قال: "حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد مثله، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج عند الإمام أحمد وأبي داود والدارمي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وإنما كان الماء من الماء في أول الإسلام ثم نسخ بعد ذلك، في العلل التي في أخر الجامع لما ذكر الحديث حديث: "الماء من الماء" قال: بينا علته في الكتاب، وعلته أنه منسوخ، ولذا ذكروا من أجناس العلل النسخ، وقالوا: إن الترمذي سمى النسخ علة، ويريدون بهذا الكلام هذا الموضع من الترمذي، قال: إنما كان الماء من الماء في أول الإسلام ثم نسخ بعد ذلك، وحديث أبي صريح في النسخ، وقال في العلل: بينا علته في الكتاب وهي النسخ، فالترمذي سمى النسخ علة، فإن قصده أنها علة مؤثرة في الصحة فلا، الحديث صحيح، وإن قصده أن العلة مؤثرة في العمل بالحديث فصحيح، لو لم نعرف المتقدم من المتأخر، وجاءنا حديث:((إنما الماء من الماء)) مع حديث: ((إذا التقى الختانان)) فما الذي يقدم منهما؟ نعم؟ أيهما الماء من الماء؟