قال أبو عيسى: وإنما روى هذا الحديث عبد الله بن عمر عن عبيد الله بن عمر حديث عائشة في الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً، وعبد الله بن عمر ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في الحديث، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين، إذا استيقظ الرجل فرأى بلة أنه يغتسل، وهو قول سفيان الثوري وأحمد، وقال بعض أهل العلم من التابعين: إنما يجب عليه الغسل إذا كانت البلة بلة نطفة، وهو قول الشافعي وإسحاق، وإذا رأى احتلاماً ولم يرَ بلة فلا غسل عليه عند عامة أهل العلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء فيمن يستيقظ -يعني من نومه- فيرى بللاً ولا يذكر احتلاماً" يعني يرى البلل –الرطوبة- في ثيابه ولا يذكر احتلاماً، الموجب للغسل عند أهل العلم التقاء الختانين على ما تقدم، أو خروج المني من مخرجه إن كان من مستيقظ فلا بد أن يكون بلذة، وإن كان من نائم فلا يلزم ذلك، لا بد أن يتحقق أنه ماء نطفة على ما سيأتي مني، أما إذا وجد ماء وشك فيه، هل هو ماء نطفه ماء المني أو المذي أو غيرهما؟ فإنه لا يجب عليه الغسل؛ لأن الحدث مشكوك فيه، الحدث الأكبر هذا مشكوك فيه والأصل الطهارة، فلا يلزمه فإذا استيقظ فرأى بللاً ولا يذكر احتلاماً فإنه ينظر في هذا البلل فإن كان منياً وجب عليه الغسل، وإن لم يذكر احتلام، وإن كان مذياً فعليه أن يغسله؛ لأنه نجس، ينضحه نجاسة مخففة، وإن كان عرقاً أو ما أشبه ذلك فلا شيء فيه، فعليه أن يتأكد.