وهذا نظير قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من رأى منكم منكراً)) لا يزم أن يكون بعينه، يكفي أن يكون بحاسة من حواسه أو بإخبار ثقة، أذا أخبره ثقة عن وجود منكر عليه أن ينكر، يعني إذا جاء شخص من الثقات إلى آخر وقال: رأيت منكراً في مكان الفلاني يقول: لا يلزمني تغييره؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول:((من رأى منكم منكراً)) لا إذا بلغك بطريق صحيح عليك أن تنكر، يقول لك هذا الذي رأى المنكر: اتصل وبلغ المسولين يقول: والله أنا ما رأيت المنكر، هذا الكلام ليس بصحيح، وإن كان بعضهم يتبناه الآن ويؤكد عليه، أقول: هذا أكثر أحكام الدين إنما لزمت بهذه الطريقة بخبر الثقة، فإذا أخبر ثقة أن هناك منكر، وعرفت من حال هذا الثقة أنه يتثبت ليس من المتعجلين بحيث حصل له مراراً أنه أخبر عن شيء إنما هو عن مجرد إشاعة أو ما أشبه ذلك، فإن مثل هذا إذا كان يصدر عن إشاعات لا عن حقائق مثل هذا لا يقبل خبره ويتثبت في أمره؛ لأنه كم من شخص يأتي ويقول: المنكر الفلاني، رأينا، قرأنا، سمعنا، ثم إذا تؤكد منه فإذا هو ليس بصحيح، يعني قد يكون للخبر أصلاً لكنه ليس على الوجه الذي شرحه، أو قد يكون يحتف به ما يدفعه من دون إنكار، المقصود أن هناك أمور إذا بلغت المكلف بطريق ثابت يعني ما فيه مستنده الحس، يعني أنه رأى يعني من بلغ رأى أو بلغه بطريق يثبت به العلم فإن هذا يكفي في إنكار المنكر، ملزم بإنكار المنكر ولا يلزم أن يراه بعينه، بل إذا أخبره من يثق بخبره ويصدر عن حسن عن يقين، لا عن إشاعات فإن مثل هذا يلزم قبول خبره، وحينئذٍ كأنك رأيت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- خوطب بالرؤية في مواضع كثيرة لم يرها {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [(١) سورة الفيل] {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} [(٦) سورة الفجر] لا ترى، الرسول -عليه السلام- ما رأى، لكنه بلغه بخبر يثبت فكأنه رأى، ونسمع من يقول: إن الرؤية لا بد أن تكون بالعين المجردة، إذا لم ترَ منكر بعينك لا تنكر، لكن إذا بلغك بطريق صحيح عن شخص متثبت لا يصدر عن إشاعات فإن عليك أن تنكر عاد بالطريقة المناسبة، وهنا:((نعم إذا هي رأت الماء)) فإذا رأت الماء