وعن ابن معين: ليس به بأس يكتب حديثه، وقواه أحمد، وضعفه النسائي وابن المديني، والسبب أنه غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن حفظ الأخبار قاله ابن حبان، والغالب أن من اتجه إلى شيء غفل عن غيره، اتجه إلى العبادة فضعف في جانب الحفظ والعلم؛ لأنه استغرق وقته في العبادة، حتى شاع على ألسنة أهل العلم أن فلاناً أخذته غفلة الصالحين، الصالحون لأنهم لا يلقون بالهم لكل شيء، فتجد فيهم غفلة عن كثير من الأمور لا سميا التي لا تنفعهم في دين ولا في دنيا، وهذه صفة مدح، بخلاف من ينتبه لكل شيء ولا يفوته شيء سواء كان مما يعنيه أو مما لا يعنيه، مثل هذا وإن كان فيه نباهه ويقظة وينتبه لماذا خرج فلان؟ لماذا قام فلان؟ لماذا قعد فلان؟ الصالحون لا ينتبهون لمثل هذه الأمور، حتى ينسبون إلى الغفلة، يعني تجد الصالح أحياناً يزاول جاره أعمال هو في غفلة عنها، وبينما غيره ممن لا يهتم بعبادة ولا يقضي وقته فيها ولا يستغرق وقته فيها منتبه لكل شيء، هذا متى يخرج؟ وهذا متى يطلع؟ وهذا متى يسافر؟ ومتى يرجع؟ الصالح ما له علاقة بهذه الأمور، إنما هو منصرف لما خلق من أجله وهو تحقيق العبودية، فقولهم: غفلة الصالحين هذه ليست مذمة، إلا إذا شغلت العبادة عما هو أهم منها، العبادة إذا استغرق الإنسان وغفل عن طلب العلم مثلاً أو عن واجب أخر فإن هذه لا شك أنها مفضولة، ومسألة المفاضلة بين العبادات مسألة عظيمة كبرى عند أهل العلم، فلا يوفق لها كثير من الناس، تجده ينشغل بالمفضول ويترك الفاضل، لكن الموفق من يبدأ بالمهم فالمهم، أو بالأهم فالمهم، يرتب، المسألة أولويات، فالواجب مقدم على المستحب، وهكذا فعبد الله بن عمر هذا المكبر اشتغل بالعبادة ووصف كثير من المحدثين أو ممن يروي الحديث بهذا الأمر، وغفل عن حفظ الحديث وعن تذكره، ومدارسته فضعف فيه ساء حفظه فيه، هذا أمر جبلي، الإنسان إذا انصرف عن شيء ضعف فيه، تجد بعض الناس لا يحسن من التجارة شيئاً، وبعض الناس حاذق في التجارة لماذا؟ لأن هذا انشغل بها، وصارت لديه خبرة بها، بينما الأخر لا يرفع بها رأساً، وعلى كل حال هو مضعف عند أكثر أهل العلم، والحديث معروف وله شواهد، وله طرق، فأصل الحديث يعني ما