للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن هناك فرق وفائدة للخلاف بين الجمهور وبين الحنفية أنها إذا كانت ركن فإنها تكون داخل الماهية جزء من الصلاة، وإذا كانت شرط تكون خارج الماهية؛ يعني خارج الصلاة، ويترتب على هذا أنه من كبر حامل نجاسة ثم ألقى هذه النجاسة مع فراغه من التكبير صلاته باطلة عند الجمهور؛ لأنه حامل هذه النجاسة داخل الصلاة، وصلاته صحيحة عند الحنفية لأن حمله للنجاسة كان خارج الصلاة.

إذا كبر ومع نهاية التكبير قلب نيته من نفل إلى فرض أو العكس صحت صلاته؛ لأنه لم يدخل في الصلاة بعد كالوضوء، كما لو توضأ لفريضة يصلي بها ما شاء من نوافل، ولو توضأ لنافلة صلى الفريضة ولا يمنع من هذا مانع، هذا على القول بأنها شرط، أما على القول بأنها ركن فلا يجوز له أن يغير؛ ما دام دخل في الصلاة، والتكبير داخل الصلاة.

هل يقول الحنفية تبعاً لقولهم: إن التكبير شرط لصحة الصلاة أنه يمكن أن يكبر في بيته ثم يصلي في المسجد، كما أن له أن يتوضأ في بيته ثم يصلي في المسجد، لا يقولون بهذا، وإنما يقولون: شرط ملاصق للصلاة غير منفصل عنها، فالخلاف في هذه المسألة إنما فائدته ما ذكرنا.

((تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)) أي جعل ما كان حراماً حلالاً بأي شيء يكون؟ بالتسليم، ولا يخرج من الصلاة إلا بالتسليم لتعريف جزئي الجملة الدال على الحصر، كما قلنا في تحريمها التكبير، فلا يخرج من الصلاة إلا بالتسليم، التسليم أمر لا بد منه، ودل فعله -عليه الصلاة والسلام- وأقواله المتظافرة على لفظ: السلام عليكم ورحمة الله أنه لا يجزئ غيره، لا يجزئ غير هذا اللفظ، والحنفية يرون أن الخروج من الصلاة إنما يكون بالنية، وفي حديث ابن مسعود في التشهد يروون جملة: "وإذا قلت ذلك فقد تمت صلاتك" يعني إذا انتهيت من التشهد تمت صلاتك، وعلى هذا إذا خرج منها بالنية انتهت صلاته ولو لم يسلم، إذ خرج منها بما يخالف الصلاة، بما يخالف الصلاة بأن أحدث مثلاً فقد تمت صلاته عندهم، لكن عامة أهل العلم على أن التسليم ركن من أركان الصلاة بلفظه: "السلام عليكم ورحمة الله" والخلاف في التسليمة الثانية هل هي واجبة أو تجزئ الأولى؟ والمعروف عند الحنابلة أن التسليمتين كلاهما من الواجب.