للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إن الله لا يستحيي من الحق" المراد بالحياء هنا المنفي {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً} [(٢٦) سورة البقرة] الله -جل وعلا- كما في هذا الحديث وفي الآية أيضاً "لا يستحي من الحق" ومفاده أنه يستحي من الباطل، وإثبات الحياء لله -جل وعلا- مقرر عند أهل السنة والجماعة على ما يليق بجلاله وعظمته، وإن جاء بصيغة النفي لكن النفي له مفهوم مقرر فإذا كان لا يستحي من الحق فمفهومه أنه يستحي من ضده، وبعضهم يؤوله بالامتناع، هذا لازم الاستحياء الامتناع فلا يمتنع من قول الحق، وإذا جاءت الصفة منفية فإن كان مقابلها مؤكد مجزوم به فهو مراد، كما في ((فإن الله لا يمل حتى تملوا)) الملل من المخلوق مؤكد من صفته الملل ((فإن الله لا يمل حتى تملوا)) فإثبات الملل لله -جل وعلا- من هذا النص وإن كان منفياً إلا أنه مرتب على أمر محقق فأثبته من أثبته من أهل العلم، ومنهم من لم يثبت الملل لله -جل وعلا- وقال: إن معنى الحديث لا يمل وإن مللتم، لا يمل وإن مللتم كما في قولهم: إن فلاناً الخطيب أو الشاعر أو المناظر لا ينقطع حتى ينقطع خصمه، إذا انقطع بعد انقطاع خصمه هل هذه صفة مدح وإلا ذم؟ ليست بصفحة مدح، لكن كونه لا ينقطع وإن انقطع خصمه هذه صفة مدح، وهذا قرره الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في شرح البخاري وغيره من أهل العلم.