قال أبو عيسى: حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يقرأ الجنب ولا الحائض)) وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به، وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام، وقال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عياش أصلح من بقية ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات، قال أبو عيسى: حدثني بذلك أحمد بن الحسن قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرأن القرآن" في حال الحيض والجنابة؛ لأن هذا حدث أكبر يمنع عن أشياء أكثر مما يمنع منه الحدث الأصغر، وهذا معروف مفصل في كتب الفروع، وهنا يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثنا علي بن حجر والحسن بن عرفة" بن يزيد العبدي، وهو صدوق "قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش" بن سليم الحمصي، حديثه عن الشاميين قوي بخلاف حديثه عن غيرهم من الحجازيين والعراقيين ففيه ضعف، والحديث هنا عن حجازي "عن موسى بن عقبة" إمام أهل المغازي "عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا تقرأ الحائض)) لا تقرأِ الحائض بناء على أن (لا) ناهية تجزم المضارع، ويكسر هنا من أجل التقاء الساكنين {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(١١) سورة المجادلة] وإلا فالأصل أن الجر لا يدخل الأفعال، بل هو من علامات الأسماء، والكسر هنا إنما هو لالتقاء الساكنين، وفي بعض النسخ بالرفع:((لا تقرأُ الحائض)) وعلى أن (لا) نافية، وهو خبر يراد به النهي، وهو أبلغ من النهي الصريح عند أهل العلم ((لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)) شيئاً نكرة في سياق النفي أو النهي فتعم القليل والكثير، شيئاً لا قليل ولا كثير.