فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في كم تمكث النفساء؟ " يعني مدة النفاس بعد الولادة، والنفاس والنفساء أصله من النفس، وجمعها نفوس، إما لخروج هذه النفس الذي هو الولد، أو يراد بالنفس الدم، كما يقول الشاعر:
تسيل على حد الضبات نفوسنا ... . . . . . . . . .
يعني دماؤنا، ويقول الفقهاء: ما لا نفس له سائلة فهو طاهر، يعني ما لا دم له، والغالب أن النفساء مع الولادة، وبعد الولادة يخرج منها الدم الذي هو النفس، إذا خرج منها الدم بعد الولادة لزمها ما يلزم الحائض، وإذا ولدت بدون دم لا يلزمها المكث بل يجب عليها أن تصلي وتصوم، ولا حد لأقل النفاس؛ لأنه وجد من ولدت بغير دم، ووجد من قطع دمها في اليوم الأول، وبعد ذلك كثير، المقصود أنه لا حد لأقله، وأما أكثره فهو محل الخلاف الذي فيه حديث الباب، فجماهير أهل العلم على أن أكثر النفاس أربعون يوماً وعليه يدل الحديث، ومنهم من يقول: خمسون، ومنهم من يقول: ستون، وجاء فيه ما جاء، ومنهم من يقول: بالنظر إلى الوجود ما وجد أكثر من سبعين، ومثل هذا لا يصحح جميع ما ورد في الباب، وإنما نظر إلى الواقع، فقال: أكثر ما وجد الدم بعد الولادة سبعون يوماً، فهذا أكثر النفاس، لكنه لا يدل عليه دليل، وحديث الباب صالح للاحتجاج، وأغرب ابن حزم حيث زعم أن النفاس كالحيض، أكثره سبعة أيام، أكثر النفاس سبعة أيام مثل الحيض، وهذا لا شك أنه قول غريب لا حظ له من النظر ولا الأثر.