هذا الاختلاف البخاري يرى أنه غير مؤثر؛ لأن الاحتمال قائم، وهذا مسلك لتصحيح ما يرد من الاختلاف في مثل هذا الصورة يسلكه كثير من أهل العلم صيانة للرواة عن التوهيم، صيانة للرواة عن التوهيم، وهذا يكثر في المتأخرين، أما الأئمة المتقدمون فيندر عندهم مثل هذا، بل يرجحون، ما يصححون الجميع ويثبتون الجميع إنما يرجحون بين هذه الطرق المختلفة على ما ترجحه الأدلة الأخرى والقرائن، فالإمام البخاري -رحمه الله تعالى- قال: يحتمل أن يكون قتادة روى عنهما جميعاً، وهذا المسلك لا شك أنه احتمال، ويبقى أن الترجيح مع عدم التمكن من حمل هذه الأوجه على وجه يصح أو دلالة القرائن على ترجيح بعضها على بعض، وإلا فالأصل أن هذا الاختلاف مؤثر، والترمذي سماه اضطراب، والاضطراب تضعيف للخبر، فلا بد من الترجيح بين هذه الأوجه المختلفة إذا أمكن الترجيح انتفى الاضطراب، ما أمكن الترجيح صار الاضطراب علة قادحة في الخبر، وهنا الإمام البخاري يرى أنه لا مانع من أن يروى الحديث هذا على أكثر من وجه، وتثبت جميع هذه الوجوه لأنها لا تناقض ولا تعارض بينها، وأن الاضطراب يمكن إذا كانت هذه الوجوه كلها مختلفة، هذا من حيث المعنى كلام البخاري له وجه، كلها تصب في معنى حديث حديث الباب، ولا يختلف بعضها عن بعض من حيث معنى الخبر، لكن الاضطراب في الإسناد أيضاً ولو اتحد المتن، ولو اتفق المتن لا شك أنه علة عند أهل الحديث، إذا لم يمكن حمل هذا الاختلاف وهذا الاضطراب على ما قال به البخاري من أنه يحتمل أن يكون رواهما جميعاً أو روى عنهما جميعاً، نظير ذلك فيما لو روى تابعي عن تابعي أخر عن صحابي، ثم روى ذلك التابعي الأول عن الصحابي مباشرة، روى نافع عن سالم عن ابن عمر، نافع عن سالم عن ابن عمر، ثم وجد الحديث من طريق نافع عن ابن عمر، كلاهما لقي ابن عمر وأخذ عنه، وله به اختصاص، لكن هذا مجرد مثال، يعني ما هو بمثال واقع، لكن للتنظير والتقريب، نافع عن سالم عن ابن عمر، أو نافع عن ابن عمر مباشرة، روي من طريق أخر عن نافع عن ابن عمر، هل نقول: إن نافع يروي الحديث بواسطة سالم عن مولاه ابن عمر؟ أو نقول: إنه يرويه عنه بغير واسطة؟ وأيهما المرجح؟ أو نقول: إنه مرة