"قال أبو عيسى: وهو قول غير واحد من أهل العلم قالوا: إذا وطيء الرجل على المكان القذر أنه لا يجب عليه غسل القدم إلا أن يكون رطباً فيغسل ما أصابه" كما تقدم نقله عن مذهب الشافعي، والبيهقي حمل الحديث على النجاسة اليابسة، وأنهم كانوا لا يغسلون الرجل من وطأ النجاسة اليابسة، وبوب عليه البيهقي في المعرفة باب: النجاسة اليابسة يطأها برجله أو يجر عليها ثوبه لا تؤثر، يعني لا تأثر فيه.
"قال أبو عيسى: وروى عبد الله بن المبارك هذا الحديث عن مالك بن أنس عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد لهود بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة وهو وهم" يعني غلط "وليس لعبد الرحمن بن عوف ابن يقال له: هود، وإنما هو عن أم ولد لإبراهيم" والذي في حديث الباب عن أم ولد لعبد الرحمن، وسبق توجيهه "عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أم عن أم سلمة وهذا الصحيح" على كل حال إذا كانت النجاسة رطبة فالنصوص كلها تدل على أنها تغسل، وحديث الباب يمكنه على القذر دون النجاسة إلا أن قوله:((يطهره)) التطهير إنما أن يكون عن حدث أو نجس، لكنه في لغة العرب معناه التنظيف، والتنظيف كما يكون من النجس يكون من الطاهر أيضاً إذا كان يقذر.
الدلك بالنسبة للخف لا شك أنه جاء في الخبر ((فطهورهما التراب)) ويكفي فيه الدلك إذا كان لا يتشرب النجاسة، ولهذا يقول شيخ الإسلام: إن الشيء الصقيل الذي لا تشربه النجاسة يكفي مسحه كالسكين، يعني ما ذكر عنهم أنهم كانوا يغسلون السكاكين بعد الذبح، الدم المسفوح نجس لكن ما ذكر عنهم .. ، يمسحونه فقط، وما ذكر عنهم أنهم .. ، فلو وقعت هذه النجاسة على شيء صقيل، يقول: يكتفى بمسحه، إذا وقع على شيء يتضرر بالماء, وقعت نجاسة على كتاب إذا غسلته خلاص انتهى مثلاً، مثل هذا يكتفى بمسحه، إذا وقع على شيء ... ، شيخ الإسلام يتسمح في هذا كثيراً، لا سيما فيما يترتب عليه إتلاف، فإذا وقعت النجاسة على ملح مثلاً ما تصنع؟ تغسل المحل يذوب ينتهي، لكن لا ما نع أن يغسل غسل دون غسل، تخفف هذه النجاسة بقدر الإمكان، وكذلك لو وقع على شيء يتلفه الماء فإنه يتسمح فيه على رأي شيخ الإسلام -رحمه الله-.