والجادة عند أهل العلم في تآليفهم سواءً كانت في الحديث أو في الفقه يذكرون كتاب، كتاب الصلاة ثم يدرجون تحت هذه الترجمة الكبرى أبواب، لكن الترمذي جرى على هذا يقول: أبواب الصلاة، أبواب الصلاة، مع أنه هنا ذكر أول ما بدأ في أبواب الصلاة مواقيت الصلاة، مع أن المواقيت من شروطها كالطهارة التي أفردها سابقاً، فلماذا أفرد الطهارة وأدرج المواقيت في أبواب الصلاة؟ أولاً: الطهارة جرى جمهور المؤلفين على إفرادها عن كتاب الصلاة وإن كانت شرطاً لها، وأما بقية الشروط التسعة فهم يذكرونها تحت ترجمة كتاب الصلاة، الطهارة فعل له نوع استقلال، وجاءت الأحاديث بترتيب الأجور على الطهارة، ولها فروع استحقت بها أن تدرج، وأما المواقيت فإنها لا تطلب إلا للصلاة، والطهارة تطلب للصلاة ولغيرها، الطهارة تطلب لقراءة القرآن، تطلب للطواف، ليست خاصة بالصلاة، ولذا أفردت، وجمهور المؤلفين كما ذكرنا في أول أو في أوائل الدروس يبدءون بالطهارة؛ لأهميتها، ولما ذكرنا أنها تطلب للصلاة ولغيرها، وبدأ الإمام مالك بوقوت الصلاة قبل الطهارة؛ لأن الوقوت عنده أهم من الطهارة، وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا استيقظ من نومه متأخراً هل يشتغل بالطهارة ولو خرج الوقت أو يقدم الوقت ويفعل ما يستطيعه من الطهارة؟ لا سيما إذا كان عليه غسل، إن كان الوقت متأخراً يخرج الوقت قبل أن يتمكن من الطهارة، ثم يؤدي الصلاة ويقضي الصلاة بعد خروج وقتها، من يقول بتقديم الطهارة وأن الطهارة أهم من الوقوت يقول: يشتغل بها ولو خرج الوقت، وهذا قول عامة أهل العلم ويستروح من تقديم الإمام مالك لوقوت الصلاة أنه يميل إلى الثاني، وكأنه رأي شيخ الإسلام أيضاً، أن الوقوت أهم من الطهارة جرياً على قاعدة الإمام مالك.
تقديم البسملة على أبواب الصلاة أو تأخيرها هذا جاء نظيره في صحيح البخاري، فأحياناً تقدم البسملة، وأحياناً تقدم الترجمة، فإذا قدمت البسملة فهو الأصل، يبدأ بذكر الله، في هذا الأمر المهم ذي بال، وإن قدمت الترجمة كان في القرآن أسوة، فاسم السورة مقدم على البسملة في القرآن في الكتابة، وسواءً كان هذا أو ذاك فالأمر سهل، ويتم به المقصود.