((حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر)) في اليوم الأول في المرة الأولى، حين كان ظل كل شيء، أو ((حين كان كل شيء مثل ظله)) مع احتساب ظل فيء الزوال، يضاف إليه فيء الزوال ((ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس)) يعني سقط القرص، واختفت عن الأنظار، واختفى حاجبها الأعلى ((ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم)) يعني دخل وقت الإفطار، ولا يعني أنه تناول المفطر، ما يلزم؛ لأنه إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا فقد أفطر الصائم يعني ولو لم يأكل، أفطر حكماً ((ثم صلى العشاء حين غاب الشفق)) والمراد به الأحمر، عند مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة، ويرى الإمام أبو حنيفة أن المراد بالشفق هو الأبيض الذي يعقب الحمرة، هذا هو المعروف عند الحنفية، لكن ذكر كثير من الحنفية أن الإمام رجع عن قوله إلى قول الجمهور.
((حين غاب الشفق الأحمر، ثم صلى الفجر حين برق الفجر)) حين برق الفجر: طلع الفجر وسطع، والمراد به الفجر الصادق الذي ينتشر في الأفق يميناً وشمالاً عرضاً، وليس المراد به الفجر الكاذب الذي يبدو مستطيلاً في السماء هذا يسمى فجر؛ لأن النور انفجر فيه، والثاني الصادق يسمى فجر؛ لأن النور برق ولمع فيه وانفجر، لكن الأول لا يترتب عليه أحكام، لا تحل به الصلاة، ولا يحرم به الطعام بخلاف الثاني.
((حين برق الفجر، وحرم الطعام على الصائم)) هذا بالنسبة لليوم الأول، صلى الصلوات في أوائل الأوقات، فصلى الظهر حين زالت الشمس، زالت الشمس إلى جهة المغرب، يعني مالت إلى جهة المغرب، وهو الدلوك {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(٧٨) سورة الإسراء] هو الدلوك الذي هو الزوال، ويقول أهل اللغة: سمي وقت الزوال دلوكاً لأن الناظر إلى الشمس في هذا الوقت تؤلمه عينه فيضطر إلى دلكها.
هذا بالنسبة لليوم الأول، بعد الزوال مباشرة صلاها، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى المغرب لما غابت الشمس ووجبت وسقطت، واختفت عن الأنظار، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق الأحمر، وصلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم، هذه هي المواقيت، في أوائلها كما صلى جبريل بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الأول.