المصنفات التي ألفت في هذا القرن موطأ الإمام مالك، موطأ الإمام مالك هذا من أعظم المصنفات القديمة، والتي هي عمدة وأصل من الأصول التي أعتمد عليها أصحاب الكتب الشهيرة، حتى قال الدهلوي في (بستان المحدثين): إن أصل الأصول كتاب مالك، وما عداه من الكتب الستة كلها مستخرجات عليه، لكن هذا الكلام فيه مبالغة، كتاب مالك كتاب عظيم، وأفاد من جاء بعده منه فائدة كبرى، لكن لا يعني أنه لا يوجد في غيره ما لا يوجد فيه، بل هو كتاب إذا نسبناه إلى البخاري مثلاً وجدنا أنه شيء يسير، فضلاً عن الكتب الستة مجتمعة أو مسند أحمد، على كل حال كتاب الإمام مالك صار أصل لهذه الكتب تلقته الأمة بالقبول، وخدموه، وعنوا به، وكثرت شروحه.
ثم بعد ذلك جاء الإمام الشافعي فصنف كتباً في السنة وعلومها، كالمسند والسنن له أيضاً، ثم تتابع الأئمة على ذلك، فجاء الإمام أحمد -نقتصر على المشاهير؛ لأن العلماء لا يمكن الإحاطة بهم- ثم جاء بعده الإمام أحمد فنصف كتابه: الجامع المسند، الجامع ليس اسماً له لكن وصفه، جامع لأكثر السنة الموجودة المتداولة في الكتب، بحيث بلغ عدة أحاديثه: ثلاثين ألفاً، كانوا يقولون: أربعين ألف، لكنها عند التحرير هي ثلاثون ألفاً، ثم بعد ذلك تلاه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري فصنف كتابه: الجامع الصحيح، ثم بعده مسلم بن الحجاج، وألف صحيحه، ثم تلاهم بعد ذلك الأئمة الثلاثة: أبو داود والترمذي وابن ماجه، ثم ختموا بالنسائي -رحم الله الجميع-.