إذا توبع صار كذا، وإذا لم يتابع صار كذا ما نخرج بنتيجة.
"عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-" أبوها أبو بردة بن موسى الأشعري، ثقة، واسمه: عامر، على ما سيأتي "عن عائشة -رضي الله عنه-" عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق الصحابية الجليلة الفاضلة الفقيهة المحدثة الراوية "-رضي الله تعالى عنها- قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ:((غُفْرَانَكَ)) " قال: ((غفرانك)) مفعول مطلق اغفر غفرانك، أو منصوب بفعل مقدر أي أسألك وأطلبك غفرانك، وهذا الاستغفار وطلب المغفرة مثل ما قيل في الاستعاذة قاله ليعلم أمته الاستغفار، وقد أثر عنه عليه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يستغفر في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة، ثبت عنه أنه قال:((إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة)) فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من الاستغفار، والاستغفار: هو طلب المغفرة، شأنه عظيم، حتى جاء في حق من لزمه أن الله -جل وعلا- يجعل له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، وهذا ديدن الصالحين، وشأن الأوابين المتقين، وشيخ الإسلام -رحمه الله- قد ذكر في بعض المواضع أنه قد يستغلق عليه فهم مسألة ثم يكثر من الاستغفار فتنحل له، ولا شك أن هذا من المخرج الذي أشار إليه الحديث.
وعلى كل حال كونه يستغفر -عليه السلام- لأنه مكث مدة يقضي فيها الحاجة لا يذكر الله -جل وعلا-، فمثل هذا في حق المسلم ينبغي أن يجبر، وهو إن لم يكن ذنب لكنه تقصير؛ لأن الأصل في حياة المسلم أن تعمر بالعبودية بطاعة الله، بذكر الله -جل وعلا-، هذه الفترة انخرم فيها هذه الأصل، فيعوض عنها عن هذا الأصل بالاستغفار، الذي يجبر ما وقع من تقصير في الذكر الذي ينبغي أن يكون الديدن، وأيضاً تقصير شكر الذي أخرج هذه المادة الضارة من البدن فيطلب في المغفرة للتقصير في الأمرين.