وحمله بعضهم على الليالي القصيرة ليدرك النوام الصلاة، وجاء فيه حديث عن معاذ لما بعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى اليمن، وأمره بالتفريق بين ليالي الشتاء وليالي الصيف، وبعضهم قال: إنه يدخل في صلاة الصبح بغلس وينصرف منها حال الإسفار لطول القراءة، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ ما بين الستين إلى المائة من الآيات، فإذا دخل فيها بغلس خرج منها بعد الإسفار.
هذا كلام لبعضهم، لكن المعروف أنهم ينصرفون منها ولا يعرف أحدهم جليسه من الغلس، مع طول القراءة، فدل على أنها تصلى في أول وقتها ((إذا صلى أحدكم بنفسه فليطول ما شاء)) جاء في الحديث الصحيح حديث معاذ: ((أيكم أم الناس فليخفف فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء)) النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه قرأ في صلاة الليل في ركعة واحدة خمسة أجزاء، قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران.
يقول: أنا أصلي لنفس فاتتني الصلاة وأريد أن أحقق هذا الأمر: ((فليطول لنفسه ما شاء)) أقرأ في الركعة الأولى خمسة أجزاء، وفي الثانية أربعة، يترتب على ذلك أن يخرج الوقت وهو في الصلاة، يشرع فيها هو جاء والناس قد صلوا، وبقي من وقت الصلاة ساعة أو أقل من ساعة، فإذا قرأ في الركعة الأولى خمسة قطعاً خرج الوقت، أو لو قرأ البقرة فقط في الأولى وآل عمران في الثانية على طريقة الرسول يخرج الوقت، والرسول يقول:((فليطول لنفسه ما شاء)) هل نقول: لا تطول؛ لئلا يخرج الوقت؟ أو نقول: طول لنفسك ما شاء ما دام أدرك ركعة قبل طلوع الشمس فأنت في الوقت؟ هذا الرجل يقول: الرسول يقول: ((فليطول)) هذا أمر، لكن هل هذا الأمر للإلزام أو للإباحة؟ لأنه بعد حظر، بعد منع، إذا كان في جماعة لا يجوز أن يطول عليهم بما يشق عليهم، ثم جاء الإذن له إذا صلى وحده، فيكون للإباحة، لا يكون هو الأفضل، أن يصلي ركعة في الوقت بحجة أنه يطول لنفسه ما شاء، ثم بعد ذلك ركعة بعد الوقت ويكون بذلك قد أدرك الصبح، هو أدرك الصبح بلا شك ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) لكن إخراج الصلاة عن وقتها لا شك أنه مفضول، وإن كان جائزاً في الجملة، والله أعلم.