الظهر ساعتين مثلاً هل يدخل البرد؟ هل يحصل البرد؟ هل يخف الحر؟ أو أخرنا ثلاث ساعات قبيل خروج وقتها؟ وهل صلاة العصر تقع في وقت بارد أو حار؟ حار، فهل ينحل الإشكال في تأخير الصلاة إلى آخر وقتها؟ الحديث في الصحيحين وغيرهما ليس لأحد كلام ((إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة)) وعند البخاري: ((بالصلاة)) يقال: أبرد أي دخل في البرد، وأظلم إذا دخل في الظلام، وأنجد إذا دخل نجد، وأتهم إذا دخل تهامة وهكذا، فهل إذا أخرنا الصلاة إلى آخر وقتها هل نكون أبردنا يعني دخلنا في البرد في الوقت البارد؟ الليل ليس ببارد في الصيف فضلاً عن كوننا نؤخر الصلاة إلى آخر وقتها الحر لا يزول، لكن المراد دفع المشقة الحاصلة على المصلين إذا صليت الظهر في أول وقتها، لماذا إذا صليت في أول وقتها؟ لأنهم سوف يخرجون إلى الصلاة في الشمس، فالحيطان ليس لها ظل، لكن إذا أخرت الصلاة إلى آخر وقتها فإنه يكون للحيطان ظل، وأيضاً بالإمكان أن يكون الخروج للصلاتين مرة واحدة، إذا أخرت الظهر والسنة تعجيل العصر -على ما سيأتي- يكون المصلي يخرج إلى الصلاتين مرة واحدة، فتقل عليه المشقة علماً بأن العلة الأولى كافية، وهي أن يكون للحيطان ظل يستظل به من يخرج إلى صلاة الظهر يتحقق بذلك الإبراد؛ لأن المشي في الظل إبراد بالنسبة للمشي في الشمس ((إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة)) والمراد بها الظهر ((فإن شدة الحر من فيح جنهم))، ((اشتكت النار إلى ربها فأذن لها بنفسين نفس في الصيف ونفس في الشتاء فأشد ما تجدون من الحر هو من ذلك النفس، وأشد ما يوجد من البرد هو من ذلك النفس)) نفس الشتاء ((فإن شدة الحر من فيح جهنم)) يعني من سعة انتشارها وتنفسها، ومنه مكان أفيح أي متسع، وهذه كناية عن شدة استعارها في هذا الوقت، وإذا اشتد استعارها مع وجود النفس التي تتنفس فيه، لا شك أن الأثر يصل إلى الأرض فيتأذى بذلك أهلها.