للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقول: إن الرخصة إذا نزلت عمت، ولا يقتصر فيها من يشق عليه وإلا لم تنتظم الأمور؛ لأن الناس يتفاوتون في تقدير هذه المشقة، وذلك تابع لاهتمامهم وحرصهم على أمور دينهم من عدمه من جهة، وتابع أيضاً على قوة تحمل أجسامهم مع عدمه مع عدم هذه القوة من جهة أخرى، فالناس يتفاوتون، الحريص على إبراء ذمته ولو كان عليه خطر يقدم الصلاة في وقتها على هذه المشقة التي يحتملها وإن لم يحتملها غيره، الناس يتفاوتون في تقدير هذه الأمور، فمن الناس من هو حريص على إبراء ذمته فلا يجمع مهما كانت المشقة، ومن الناس من يتذرع بأدنى شيء، إذا رأى الغيم قال: اجمعوا، احتمال أن ينزل المطر في وقت صلاة العشاء، يعني قبل وجود السبب، فهم يتفاوتون، والمنظور إليه في هذه المسألة لا الأول ولا الثاني، المنظور إليه أوساط الناس، سواءً كان في اهتمامهم بأمر دينهم أو تحملهم تبعاً لقوة أجسادهم وضعفها، فالمنظور إليه الوسط.

هذه المشقة اللاحقة بسبب شدة حرارة الشمس قد يقول قائل: إنها الآن لا داعي لها، البيوت مكيفة والسيارات مكيفة والمكاتب في العمل مكيفة والمساجد مكيفة، ما له مبرر هذا، لكن ليس المنظور له المترف، وإن كان الترف صار صفة عامة بل غالبة لجل الناس، والترف جميع ما ورد فيه من النصوص جاءت على سبيل الذم له، فينبغي للإنسان أن يعود نفسه على شيء من المشقة.

هذا المترف إذا لم يجد السيارة في يوم من الأيام عند الباب يمكن ما يصلي في المسجد؛ لأنه عود نفسه على هذا الترف، فعليه أن يعود نفسه على شيء من المشقة فإن النعم لا تدوم، وانظر إلى حالك وحال نظرائك وأقرانك إذا تعطل الكهرباء، يستطيع أحد أن ينام في هذه الأيام بدون كهرباء؟ لا يستطيع، وكانوا ينامون، لكن لما تعودوا على هذا الترف صاروا لا يستطيعون، فعلى الإنسان أن يعود نفسه للظروف الطارئة؛ لأن النعم لا تدوم، وبعضهم يبالغ في استعمال هذه الآلات المريحة يبالغ فيه حتى تنقلب إلى الضد، إلى أن تكون ضارة، فتدخل بعض الأماكن ووجد هذا حتى في المساجد فيمرض بعض الناس بسببها، يعني المسألة مسألة تخفيف لهذا الحر الذي لا يطيقه كثير من الناس، ليس المراد أن يقلب الصيف شتاء، أن يقلب الصيف إلى شتاء.