للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن يجتمع، يعني يعادلون حي من الأحياء، ويتفرقون تبعاً للبحث عن الظلال تحت الأشجار، وتبعاً لإبلهم ومواشيهم في تتبع الرعي، وأيضاً للتنفيس؛ لأن الاجتماع اجتماع العدد الكبير في مكان واحد لا شك أنه يوجد شيئاً من المشقة، فكلامهم ظاهر.

لكن يبقى أن الحديث باقٍ على عمومه لعدم الاستفصال وعدم التفصيل، وسواء كانوا ينتابونه من قرب أو من بعد فالمشقة حاصلة لبعضهم فتنزل الرخصة لجميعهم كما هو مقرر عند أهل العلم.

"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود.

هذا بالنسبة لصلاة الظهر في شدة الحر فماذا عن الجمعة؟ الجمعة هي في وقت الظهر في شدة الحر، فهل نقول: يبرد بالجمعة كما يبرد بالظهر؟ أو نقول: إن الناس مأمورون بالتبكير لصلاة الجمعة؟ فيعانون بالتعجيل لا بالتأخير، إذا أمروا أن يأتوا في الساعة الأولى أو الثانية أو الثالثة هم مأمورون، وجاء الحث على التبكير، ((من بكر وابتكر)) إلى غير ذلك، هل يلغى هذا في الصيف، هذا الفضل يلغى في الصيف؟ أو هو باقٍ على عمومه في جميع أيام العام، وإذا كان استحباب التبكير باقياً في جميع العام فإنه لا يستحب تأخير الجمعة للمشقة على الموجودين الذين ينتظرون الصلاة، يعني نحن نعين بالتأخير الناس الذين لم يبكروا إلى الجمعة، هم في بيوتهم، نقول: لا تحضرون يعني بالإبراد كأننا نقول: لا تبكروا، لا تبكروا إلى الجمعة، اجلسوا في بيوتكم حتى يبرد الجو، ولذا قال ابن العربي: فرع إذا اشتد الحر فلا يبرد بالجمعة قاله سفيان، واختلف في ذلك أصحاب الشافعي والصحيح عندي مذهبنا؛ لأن الناس يبكرون إلى الجمعة والناس ينتابونها من بعد، فيخفف عنهم بالإسراع بها، قد يقول قائل: هؤلاء الذين بكروا إلى الجمعة جلسوا في المسجد والمسجد مظلل مسقوف، وهؤلاء الذين تأخروا إلى مجيء وقت شدة الحر الذي هو الزوال يقال لهم: تأخروا، فالذين في المسجد في ظل لا يتضررون بحر الشمس، والذين في بيوتهم عليهم أن يتأخروا حتى يُبرِدوا.