((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم)) يعني أمر وجوب وإلا أمر الاستحباب موجود، كما جاء:((لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) وعند كل وضوء، أمر الاستحباب موجود، لكن المنفي الممتنع لوجود المشقة أمر الوجوب، وبهذا يستدل أهل العلم على أن الأمر عند الإطلاق يقتضي الوجوب وإلا فأمر الاستحباب موجود {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [(٦٣) سورة النور] هذا الوعيد يدل على أن الأمر يقتضي الوجوب.
((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم)) يعني على سبيل الإلزام والوجوب ((أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه)) ولا شك أن في هذا مشقة على بعض الناس الذين يتعبون في النهار، وينتظرون صلاة العشاء من أجل أن يناموا ويرتاحوا من عناء النهار، فالمشقة موجودة، قد يقول قائل: تأخير العشاء الآن أفضل بالنسبة للناس؛ لأنهم يسهرون، وينامون النهار فما في مشقة عندهم، نقول: لا، يبقى الأصل الشرعي والسنة الإلهية في الليل والنهار تبقى هي الأصل، نعم إذا وجد مشقة في شيء يقتضي التقديم أو التأخير فملاحظته من باب رفع المشقة على الناس لا لأنهم خالفوا السنة الإلهية فسهروا بالليل وناموا النهار، بل لأن ذلك يفوتهم بعض مصالحهم الدينية أو الدنيوية كما هو الحاصل بالنسبة لرمضان في تأخير العشاء لمدة نصف ساعة، الناس يريدون أن يتوسعوا بعد إفطارهم، ويفرحوا بهذه النعمة التي أتمها الله عليهم في ما بين العشاءين، يمتد لهم الوقت ينبسطون فيه مع أهليهم، فمثل هذا التأخير لا إشكال فيه.