تدخل بعض الكلام في بعض مما ليس من جنسه، أو فيما نافره ولم يلق به، فتقول: فلانٌ فقيهٌ طويلٌ.
١١١٠- ومن هذا فاحش الاستعارة، كما قال الشاعر:
فما رقد الولدان حتى رأيته ... على البكر يمريه بساقٍ وحافر
فاستعار الحافر مكان القدم.
١١١١- وقال آخر:
سأمنعها أو سوف أجعل أمرها ... إلى ملكٍ أظلافه لم تقلم
وإنما الأظلاف للشاء والبقر، ولو استعار فجعل لغير الإنسان الظفر لكان حسناً، ولم يكن كقبح هذا.
١١١٢- كما يقال: مات الإنسان، ونفقت الدابة، وتنبل البعير، ولو قلت في كله: مات، لصلح، ولو قلت: نفق الإنسان، لكان هذا عند قائل هذا المعاظلة، وإنما تقع المعاظلة في الاستعارة القبيحة البعيدة.
١١١٣- فأما الاستعارة المستعملة فكثيرةٌ حسنةٌ، نحو: لقيت من فلانٍ عرق الجبين، أي: شدةً= ونحو: ضحكت الأرض إذا أنبتت، لأنها تبدي حسن النبات، وتشقق عن الزهر كما يفتر عن الثغر= ويقال: النور يضاحك الشمس، لأنه يدور معها، كما قال الأعشى يذكر روضةً:
يضاحك الشمس منها كوكبٌ شرقٌ ... مؤزٌ بعميم النبت مكتهل