للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قابضاً على لحيته ينظر فيها وهي بيضاء, فاجتمع له الناس, ثم قام بخطبةٍ بليغةٍ, ثم قال: ما بال قومٍ يذكرون سيدي قريشٍ وأبوي المسلمين, بما أنا منه بريءٌ, وعليه معاقبٌ, وعنه متنزهٌ! أما والذي فلق الحبة, وبرأ النسمة, إنه لا يحبهما إلا مؤمنٌ نقيٌ, ولا يبغضهما إلا فاجرٌ شقيٌ؛ صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء, يأمران وينهيان ويقتصان ويعاقبان, لا يجاوزان فيما يقضيان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم , لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم كرأيهما رأياً, ولا كحبهما حباً, مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم راضياً عنهما, والمؤمنون راضون, أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ على صلاةٍ المؤمنين أياماً, فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولاه المؤمنون ذلك, وفوضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان, وآتوه البيعة طائعين, وهو لها كارهٌ, يود أن أحداً منا كفاه ذلك, وكان والله خيراً من نفرٍ, أرحمهم رحمةٍ، وأرأفهم رأفةً، وأثبتهم ورعاً، وأقدمهم إسلاماً، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفةً ورحمةً، وبإبراهيم عليه السلام عفواً، ووقاراً، فسار فينا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى لسبيله رحمة الله عليه. وولي الأمر من بعده عمر، واستأمر المسلمين في ذلك، فمنهم من رضي، ومنهم من كره، وكنت في من رضي، فما فارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه، فأقام الدين على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه يتبع آثارهما كاتباع الفصيل أثر أمه؛ وكان والله رفيقاً رحيماً عوناً وناصراً للمظلومين على الظالمين لا يخاف في الله لومة لائمٍ، ضرب الله بالحق على لسانه، وجعل الصدق من شأنه، حتى إنا كنا لنظن أن ملكاً ينطق

<<  <   >  >>