فضائلها أنها جعلت مدحاً للملائكة، ولعلية الناس، ومن فضل الكتابة وشرفها أن الكتاب في قديم الدهر وحديثه يدبرون الملك والخلافة دون غيرهم، وأن الكتب تختم بذكرهم، وذلك بينٌ في سجلات النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيرها إلى يومنا هذا. ومن جلالتها أن أحكامها كأحكام القضاة.
١١٨٣- وقال غيره: قد غلط من زعم أن أحكام الكتابة مباينةٌ لأحكام الشريعة، لأن ذلك مخالفٌ لما يوجد في العقل والدين، لأن الكتابة فرع صناعةٍ لسياسة الملك، والملك لا قوام له إلا بالدين، فقد تبين أن الكتابة فرعٌ من فروع الدين، وما كان فرعاً لشيءٍ لم يباينه، وأحكام الكتابة ملائمةٌ لأحكام الشريعة، ألا ترى أن مسلماً لو استحق أرضاً مواتاً كان حكم الكاتب والفقيه فيها سواءٌ، وكذا فيما تخرج الأرض من الزكاة في العشر ونصف العشر، وكذا الحكم في المعادن والخمس، وكذا الحكم في الفيء والغنائم والصدقات، فجميع أحكام الكتابة إذا وقع الإنصاف داخلٌ في أحكام الفقه أو مشاركٌ له.
١١٨٤- وهذه رسالةٌ كتب بها أبو جعفرٍ الفضل بن حدادٍ إلى أبي معشرٍ المنجم في فضل الكتابة: الكتابة، أعزك الله، نسبٌ وقرابةٌ ورحمٌ ماسةٌ ووسيلةٌ، وهي أس الملك، وعماد المملكة، وأغصانٌ متفرعةٌ من شجرةٍ واحدةٍ، وهي قطب الأدب، وفلك الحكمة، ولسانٌ ناطقٌ، وهي نور العلم، وتزكية العقول، وميدان الفضل والعدل، وهي زينةٌ وحليةٌ، ولبوسٌ وجمالٌ وهيئةٌ وروحٌ جارٍ في أجسامٍ متفرقةٍ، وبها